الاتباع، وأن الاسلام لم يكن له عن أصل ولا قوة في الدين ولا في الاعتقاد.
وكان في المجلس حيدري (1) فلما سمع مقالتي وتروى جوابي أنبهر به عقله فقال:
(والله رأس ميفوت شيخ عرب أكر مرد بصحبة پيغمبر كردم بيست سال وأدنى أدب خرميسون) يعني صدق الشيخ العربي إذا كان رجل يصحب رسول الله عليه السلام عشرين سنة وهو بلا أدب يكون حمارا.
فضحك الحاضرون جميعا، وخجل الشيخ الهروي.
ثم قلت: وأما قولك أيها الملا: إن العرب موصوفون بقلة الأدب فأنا استعلم منك ما تريد بالأدب، أتريد به الآداب الشرعية أم الأدب التي هي اصطلاح العجم واختراعهم، فإن أردت الثاني فنعم نحن لانتأدب بما لا يأمر الشرع به ولا نعمل بما يخالف الشرع، وإن أردت الأول فغير مسلم، لان العرب أعرف بالشرايع من العجم، لان الشريعة نزلت بلغة العرب وهم أقرب إلى صاحبها وأكثر صحبة له والعجم إنما أخذوا الشريعة منهم، فكيف يسوغ لك أن تصف العرب بقلة الأدب مع أنهم أصل الأدب وفرعه، ومنهم تعلمت العجم الأدب، ومع ذلك فإنك لم تصحب العرب ولم تجالسهم ولم تطلع على أخلاقهم لأنك ما أتيت قط إلى بلاد العرب، فكيف يسوغ الان أنت تصفهم بهذا الوصف مع علمك بذلك أن كلامك في حقهم غيبة لا تسوغ من مثلك.
فخجل وافحم وكان جميع الحاضرين في المجلس عليه، ثم قلت:
إن قلة الأدب تحصل في كثير من العرب وكثير من العجم لا في كل هؤلاء ولا في كل هؤلاء، فإن الاشخاص تتفاوت في الاخلاق والطبايع، ولكن من جملة من هو موصوف بقلة الأدب صاحبك الذي اعترفت له بقلة الأدب والحمد لله الذي أثبت له قلة الأدب لكثرة ترديد هذه اللفظة بشهادتك.