قلت: إن ذلك ثبت عن علي عليه السلام نقلا متواترا لا يختلف فيه ويكفيك فيه الوقوف على كتاب نهج البلاغة الذي شاع ذكره عند جميع العلماء والمدرسين وما ذكره في الخطبة الموسومة بالشقشقية برواية ابن عباس وغيره.
فقال: إني لم أسمعها.
فقلت: أتحب أن اسمعكها؟ فقال: نعم.
فقلت: ذكر السيد الرضي - رحمه الله تعالى - في نهج البلاغة مرفوعا إلى ابن عباس أنه قال: كنت مع علي عليه السلام برحبة الجامع في الكوفة فتذاكرنا في الخلافة ومن تقدم عليه فيها، فتنفس الصعداء وقال:
أما والله لقد تقمصها ابن أبي قحافة، وأنه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحى، ينحدر عني السيل، ولا يرقى إلي الطير، فسدلت دونها ثوبا، وطويت عنها كشحا، وطفقت أرتأي بين أن أصول بيد جذاء أو أصبر على طخية عمياء يهرم فيها الكبير ويشيب فيها الصغير ويكدح فيها مؤمن حتى يلقى ربه، فرأيت أن الصبر على هاتا أحجى، فصبرت وفي العين قذى وفي الحلق شجى أرى تراثي نهبا حتى مضى الأول لسبيله فأدلى بها إلى فلان بعده ثم تمثل بقول الأعشى:
شتان ما يومي على كورها * ويوم حيان أخي جابر فيا عجبا بينا هو يستقلها في حياته إذ عقدها لاخر بعد وفاته لشدما تشطر اضرعيها فصيرها في حوزة خشناء يغلظ كلمها ويخشن مسها ويكثر العثار فيها والاعتذار منها فصاحبها كراكب الصعبة إن أشنق لها خرم وإن أسلس لها تقحم... وحكيتها إلى آخرها.
فقال: ومن يعرف من أصحابنا أن هذه من لفظ علي عليه السلام؟
فقلت: هنا عبد الحميد بن أبي الحديد قد شرح نهج البلاغة وصحح هذه