انصروا لله - مرتين - فقلت: يا زيد إنا نكره أن نلقي الله فنقول كما قال القوم:
(ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا) فقال معاوية: انصرف إلى علي، واعلمه أن رسولي على اثرك (1).
(725) أهل العراق ومصقلة ذكروا أنه قام إلى علي بعد انصرافه من البصرة إلى الكوفة، وجوه بكر بن وائل، فقالوا: يا أمير المؤمنين، إن نعيما أخا مصقلة يستحيي منك، لما صنع مصقلة، وقد أتانا اليقين أنه لا يمنع مصقلة من الرجوع إليك إلا الحياء، ولم يبسط منذ فارقنا لسانه ولا يده، فلو كتبنا إليه كتابا وبعثنا من قبلنا، رسولا فإنا نستحيي أن يكون فارقنا مثل مصقلة من أهل العراق إلى معاوية.
فقال علي: اكتبوا، فكتبوا:
أما بعد، فقد علمنا أنك لم تلحق بمعاوية رضى بدينه، ولا رغبة في دنياه، ولم يعطفك عن علي طعن فيه، ولا رغبة عنه، ولكن توسطت أمرا فقويت فيه الظن، وأضعفت فيه الرجاء، فكان أولادهما عندك أن قلت: أفوز بالمال، وألحق بمعاوية. ولعمرنا ما استبدلت الشام بالعراق والا السكاسك بربيعة، ومعاوية بعلي، ولا أصبت دنيا تهنأبها ولا حظا تحسد عليه، وإن أقرب ما تكون مع الله أبعد ما تكون مع معاوية، فارجع إلى مصرك فقد اغتفر أمير المؤمنين الذنب، واحتمل الثقل، واعلم أن رجعتك اليوم خير منها غدا وكانت أمس خيرا منها اليوم، وإن كان عليك حياء من أبي الحسن فما أنت فهي أعظم، فقبح الله أمرا ليس فيه دنيا ولا آخرة.
فلما انتهى كتابهم إلى مصقلة، وكان لرسولهم عقل ولسان، فقال الرسول: