(885) سلطان مع المفتي حدثني من أثق به: أن سلطان الروم سلطان سليمان الذي أجرى الماء من الفرات إلى مشهد الامام أبي عبد الله عليه السلام، وهو النهر الموسوم بالحسينية لما أتى إلى زيارة أمير المؤمنين، فصار بالقرب من المشهد الشريف نزل عن فرسه وقصد زيارته ماشيا، فغضب المفتي وهو قاضي العسكر، لأنه كان ناصبيا، وقال:
أنت سلطان في الحياة وعلي بن أبي طالب خليفة مات فكيف تمشي لزيارته؟ وكيف لم تبق راكبا؟ فتجاذبا الكلام، فقال له المفتي: إن كنت شاكا في كلامي فتفأل بالقرآن يتضح لك حقيقة الحال، فلما فتح القرآن كانت الآية هكذا: (فاخلع نعليك أنك بالواد المقدس طوى).
فالتفت إلى المفتي وقال: ما زادنا كلامك إلا زيارة نزع النعل والمشي حافيا إلى الروضة، وقد أصابت الأرض قدميه بجراح، فلما فرغ من زيارة الروضة المقدسة، قال له المفتي:
إن في هذا المشهد قبر رجل من علماء الرافضة، وهو الذي روج مذهب الشيعة، فأخرج عظامه وأحرقها بالنار. فقال: من هو؟ قال: هو الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي.
فقال له السلطان: هذا الرجل ليس داخلا تحت سلطاني وإنما سلطاني على من فوق الأرض، وهذا تحت سلطان الله سبحانه، فكلما استحقه من الثواب والعقاب أوصله إليه... الخ (1).
* * *