أربى ابن ثوابة عليه فيه.
فقال (أبو العيناء) له، بلغني ما جرى بينك وبين أبي الصقر، وما منعه من استقصاء الجواب، إلا أنه لم يجد عزا فيضعه ولا مجدا فينقصه، وبعد فإنه عاف لحمك أن يأكله، وسهل دمك أن يسفكه.
فقال ابن ثوابة: وما أنت والدخول بيني وبين هؤلاء يا مكدي؟
فقال: لا تنكر على ابن ثمانين قد ذهب بصره وجفاه سلطانه أن يعود على إخوانه فيأخذ من أموالهم، ولكن أشد من هذا من يستنزل الماء من أصلاب الرجال فيستفرغه في جوفه، فيقطع أنسابهم ويعظم أوزارهم.
فقال ابن ثوابة: وما تساب اثنان إلا غلب الامهما. فقال أبو العيناء: وبها غلبت أبا الصقر بالأمس، فاسكته (1).
(801) أبو العيناء والمتوكل دخل (أبو العيناء) على المتوكل في قصره المعروف بالجعفري سنة ست وأربعين ومائتين، فقال له: ما تقول دارنا هذه؟
فقال: إن الناس بنوا الدور في الدنيا وأنت بنيت الدنيا في دارك، فاستحسن كلامه.
ثم قال له: كيف شربك للخمر؟ قال: أعجز عن قليله، وأفتضح عند كثيره.
فقال له: دع هذا عنك ونادمنا. فقال: أنا رجل مكفوف، وكل من في مجلسك يخدمك وأنا محتاج أن أخدم، ولست آمن من أن تنظر إلي بعين راض وقلبك علي غضبان أو بعين غضبان وقلبك راض، ومتى لم أميز بين هذين