(794) الكراجكي والمعتزلي قال: كنت سألت معتزليا حضرت معه مجلسا فيه قوم من أهل العلم، فقلت له: لم أنكرت القول بالبداء وزعمت أنه لا يجوز على الله تعالى؟
فقال: لأنه يقتضي ظهور أمر الله سبحانه كان عنه مستورا، وفي هذا أنه قد تجدد له العلم بما لم يكن به عالما.
فقلت له: أبن لنا من أين علمت أنه يوجب ذلك ويقتضيه ليسع الكلام معك فيه؟
فقال: هذا هو معنى البداء، والتعارف يقضي بيننا، ولسنا نشك أن البداء هو الظهور، ولا يبدو للامر إلا لظهور شئ تجدد من علم أو ظن لم يكن معه من قبل، وبيان ذلك: أن طبيبا لو وصف لعليل أن يشرب في وقته شراب الورد حيت إذا أخذ العليل القدح بيده ليشرب ما أمره به، قال له الطبيب في الحال:
صبه، ولا تشربه وعليك بشرب النيلوفر بدله، فلسنا نشك في أن الطبيب قد استدرك الامر وظهر له من حال العليل ما لم يكن عالما به من قبل، فغير عليه الامر لما تجدد له من العلم، ولولا ذلك لم يكن معنى لهذا الخلف.
فقلت له: هذا مما في الشاهد وهو من البداء فيجوز عندك، يكون في البداء قسم غير هذا.
فقال: لا أعلم في الشاهد غير هذا القسم، ولا أرى أنه يجوز في البداء قسم غيره ولا يعلم.
فقلت له: ما تقول في رجل له عبد أراد أن يختبر حاله وطاعته من معصيته ونشاطه من كسله، فقال له في يوم شاتئ شديد البرد: سر لوقتك هذا إلى مدينة كذا لتقبض مالا لي بها، فأحسن العبد لسيده الطاعة، وقدم المبادرة، ولم يحتج بحجة، فلما رأى سيده مسارعته، وعرف شهامته ونهضته، شكره على ذلك