قوله (1).
(730) أبو حازم وسليمان بن عبد الملك قالوا: لما حج سليمان، ودخل المدينة زائرا لقبر رسول الله صلى الله عليه وآله ومعه ابن شهاب الزهري، ورجاء بن حياة، فأقام بها ثلاثة أيام، فقال:
ماهاهنا رجل ممن أدرك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله؟ فقيل له:
بلى هاهنا رجل يقال له: أبو حازم الأعرج سلمة بن دينار، فبعث إليه، فجاءه، وهو أقور أعرج، فدخل عليه، فوقف منتظرا للاذن، فلما طال عليه الاذن، وضع عصيته ثم جلس. فلما نظر إليه سليمان، ازدرته عينه، فقال له: يا أبا حازم، ما هذا الجفاء الذي ظهر منك وأنت توصف برؤية أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله مع فضل ودين تذكر به؟ فقال أبو حازم: وأي جفاء رأيت مني يا أمير المؤمنين؟ فقال سليمان: إنه أتاني وجوه أهل المدينة وعلماؤها وخيارها، وأنت معدود فيهم ولم تأتني، فقال أبو حازم: أعيذك بالله أن تقول ما لم يكن، ما جرى بيني وبينك معرفة آتيك عليها. قال سليمان: صدق الشيخ.
فقال: يا أبا حازم مالنا نكره الموت؟ فقال أبو حازم: لأنكم أخربتم آخرتكم، وعمرتم دنياكم، وأنتم تكرهون النقلة من العمران إلى الخراب. قال سليمان: صدقت يا أبا حازم، فكيف القدوم على الآخرة؟ قال: نعم أما المحسن فإنه يقدم على الآخرة كالغائب يقدم على أهله من سفر بعيد. وأما قدوم المسئ فكالعبد الآبق، يؤخذ فيشتد كتافه، فيؤتى به إلى سيد فظ غليظ فإن شاء عفا، وإن شاء عذب.
فبكى سليمان بكاء شديدا، وبكى من حوله، ثم قال: