فقال: إنه اجتهد وكان ذلك أقصى اجتهاده ومنتهى رأيه.
فقلت مغتاظا لكثرة ترديد هذه الجملة مع اعترافه أنها خير حجة: إنه ما اجتهد ولكنه كفر.
فقال بحنق: أقم الدليل على كفره.
فقلت: ذلك لأنه شتم النبي صلى الله عليه وآله متعمدا، ومن شتم النبي فهو كافر لقوله: (من سب عليا فقد سبني ومن سبني فقد سب الله ومن سب الله فقد أكبه الله على منخريه في النار) وأي كفر أبلغ من هذا؟
فقال: وأين شتم النبي؟
فقلت: في هذه اللفظة وهي قوله: إن نبيكم ليهجر، فإن يهجر بمعنى يهذي ومن قال لصاحبه ذلك في وجهه فقد شتمه في عادات العرب وفي محاوراتهم.
فقال: لا نسلم إن هذه اللفظة شتم.
فقلت: أنت لا تعرف كلام العرب، ولكن انظر في الكتب العربية، واسأل العرب حتى تعرف منهم ومن كتبهم أن هذه اللفظة شتم.
فقال: لا ينبغي من مثلك مع جلالته وعظيم مرتبته في العلم أن يتسرع إلى الحكم بكفر هذا الشخص لما اطلع منه على هذه اللفظة بل الذي ينبغي التوقف والتفكر والتروي الشهر والشهرين، بل السنة والسنتين فإن وجد لها محملا توقف وإن قام الدليل على أنها لا تحتمل غير الشتم حكم بذلك بعد تلك المدة.
فقلت: كأنك تعتقد أني لم أعرف هذه اللفظة ولم أنظر فيها إلا هذه الساعة، فإن كنت تظن ذلك مني فإنه ظن كاذب، فإن عمري اليوم يقارب الأربعين سنة وقد سمعت هذه اللفظة ونقلت لي أنها وقعت من هذا الرجل في حق النبي وأنا ابن عشر سنين، ونظرت فيها وناظرت فلم أجد لها محملا غير الشتم، وثبت عندي بالنظر الصحيح الناشئ عن البرهان الواضح الذي