على غيره، وأما حمل كلام الاعرابي على ما حمل عليه فإنه محل ظاهر يعرفه من له أدنى روية، وأما لفظة عمر لم تلق أنت ولا غيرك لها محملا غير ظاهرها الذي هو شتم الرسول عليه السلام، فإن كان عندك لها محمل فاذكره، ولكنك تقول ينبغي أن تحمل على غير ظاهرها مع عدم وجود محمل كيف يتصور ذلك؟
والعجب منكم كيف تحملون ظواهر الآيات التي فيها عتاب الأنبياء عليهم السلام على ترك الأولى على ظواهرها وتحكمون عليهم بالمعاصي والخطأ مع دلالة العقل على وجوب تنزيهم عن ذلك مع وجود المحامل لو اظهر تلك الآيات، وتتركون ذلك وتحملون كلام عمر الذي ظاهره منكر ومرتبته أقل من مراتب الأنبياء بأضعاف، بل بينه وبينهم كما بين الأرض والسماء على غير ظاهره وتمنعون جواز حمله على ظواهره مع أن كلامه لا محل له وتتركون العمل بظاهره بغير دليل واضح ولا تأويل بين؟! وهلا ساويتم بينه وبين الأنبياء الذين هم محل التعظيم، وما ذاك إلا من قلة إنصافكم وكثرة ستركم للحق وشدة تسرعكم إلى التعمية بإيراد الشبه.
ومن أغرب ما تذهبون إليه حملكم للآيات القرآنية التي ظاهرها يدل على أن ما يقع في الكون من خير أو شر كله من الله تعالى ولا تؤولونها مع أن لها محملا، والعقل ينزه الباري جل وعلا عما نسبتم إليه من إلجائه العبد إلى المعاصي وتعذيبه عليها، فإذا قرأتم قوله تعالى: ﴿يضل من يشاء ويهدي من يشاء﴾ (١) أو ﴿قل كل من عند الله﴾ (2) حكمتم بأن جميع أفعال العباد منه، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.