وأنس بن مالك، وهم من أعيان الصحابة: أن البني صلى الله عليه وآله مات ولم يحرمها، فلما رأت الشيعة أن رجالكم وصحاح كتبكم قد صدقت رجالهم ورواتهم، أخذوا بالمجموع عليه وتركوا ما انفردتم به، فوافقوا على ذلك.
وقلت لهم: وأما ما أخذتم عليهم من طول غيبة المهدي عليه السلام، فأنتم تعلمون أنه لو حضر رجل وقال: أنا أمشي على الماء ببغداد، فإنه يجتمع لمشاهدته لعل من يقدر على ذلك منهم، فإذا مشى على الماء وتجب الناس منه، فجاء آخر قبل أن يتفرقوا وقال أيضا أنا أمشي على الماء فان التعجب منه يكون أقل من ذلك، فمشى على الماء، فإن بعض الحاضرين ربما يتفرقون ويقل تعجبهم، فإذا جاء ثالث، وقال: أنا أيضا أمشي على الماء فربما لا يقف للنظر إليه إلا قليل، فإذا مشى على الماء سقط التعجب من ذلك، فإن جاء رابع وذكر أنه أيضا يمشي، فربما لا يبقى أحد ينظر إليه ولا يتعجب منه.
وهذه حالة المهدي عليه السلام، لأنكم رويتم: ان إدريس حي موجود في السماء منذ زمانه إلى الان، ورويتم: أن الخضر حي موجود منذ زمان موسى عليه السلام أو قبله إلى الان، ورويتم: أن عيسى حي موجود في السماء وأنه يرجع إلى الأرض مع المهدي عليه السلام، فهؤلاء ثلاثة نفر من البشر، قد طالت أعمارهم، وسقط التعجب بهم من طول أعمارهم.
فهلا كان لمحمد بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه وآله أسوة بواحد منهم، أن يكون من عترته آية لله جل جلاله في أمته بطول عمر أحد من ذريته، فقد ذكرتم ورويتم في صفته أنه يملأ الأرض قسطا وعدلا بعد ما ملئت جورا وظلما.
ولو فكرتم لعرفتم أن تصديقكم وشهادتكم أنه يملأ الأرض بالعدل شرقا وغربا، وبعدا قربا، أعجب من طول بقائه، وأقرب إلى أن يكون ملحوظا بكرامات الهل جل جلاله لأوليائه، وقد شهدتم أيضا له أن عيسى بن مريم النبي