قال جعفر: إن كنت تؤمن بالمعاد وتتقي من الحشر يوم التناد، يوم يجمع الله فيه العباد، تعلم أن طالب ثاري لك بالمرصاد، ومن لم يكن له في الموت خير فلا خير له الحياة، إن قدمتني أمامك فأنا قاعد لك على الجادة التي ليس عنها مرحل الحاكم يومئذ غيرك.
قال: فسكت المهدي طويلا ثم التفت إلى أصحابه به فقال: كيف أقدم على قتل رجل لا يخاف مكيدتي، ولا يرعبه سلطاني، ولا يتقي سطوتي وأعواني، يناصبني كلامي ويفسخ احتجاجي، كيف ولو كنا بين يدي من لا يخاف جوره ولا يتقى ميله وحيفه كان لسانه أمضى وقلبه أجرى وخصمه أذل، خلوا سبيله، فمضى (1).
(839) شيخ ومعاوية عوانة قال: بلغنا أن شيخا من أصحاب معاوية كان يكاتب علي بن أبي طالب - رضوان الله عليه - وقد كان طعن في السن، فبلغ معاوية خبره، فدعاه فقال:
أيها الشيخ، إنك لتكاتب عليا - رضي الله عنه - ولولا سنك لقتلتك فلا تفعل ولا تعد. فوقع كتاب له بعد ذلك إلى علي - رحمه الله - في يدي معاوية، فدعاه وقال: أتعرف هذا الكتاب؟
قال: نعم كتب فأجبته.
فأمر معاوية بقتله. فانتهى الخبر إلى ابنة له صغيرة، فجاءت حتى قامت بين يدي معاوية وأنشأت تقول:
معاوي لا تقتل أبا كان مشفقا * علينا فنبقى إن فقدناه شردا