النسب يتبع الشرع، لأنه غير موافق لمراد الشارع فلو جعلناه ملحقا في كل الاحكام احتمل أن يكون مراد الشارع غير ذلك فيحصل به العقاب، ولو جعلناه منفيا في كل الاحكام احتمل العقاب أيضا باعتذار التوليد اللغوي فالاحتياط التام مذهبنا، والشارع قد نفاه بقوله عليه السلام: (الولد للفراش وللعاهر الحجر) فلولا أنه اسقط حكم الزنا في النسب لم يصح نفيه لاحتمال حصوله من الزنا دون الفراش، ولي عليك اعتراض يا حضرة الملا، وهو أنك في صدر كلامك قلت: يلزمكم أن لا يكون ابن الزنا محرما ويحل له أن ينكح أمه وأخته ويحل للزاني أن ينكح ابنته من الزنا، وهذا لا يقوله أحد من المسلمين فكأنك أيها الشيخ لم تطلع على مذهب الإمام الشافعي، فإنه قد أحل للزاني أن يتزوج ابنته من الزنا.
فعندها أعرض عن المجادلة في هذه المسألة، ثم أقبل إلى كتاب كان معي وقال: ما هذا الكتاب معك؟
فقلت: هذا مصنف الشيخ جمال الدين بن المطهر الحلي من مشايخ الامامية وعلمائهم، يسمى كتاب نهج الحق وكشف الصدق، يبحث فيه عن أحوال الخلاف بين الامامية وأهل السنة، وقد ذكر فيه حديثا نقله عن صحيح مسلم أحب أن أذكره لك قال: ما هذا الحديث؟
فقلت: ما تقول فيما اشتمل عليه صحيح مسلم من الأحاديث، أتنكره؟
فقال: لا، بل جميع ما اشتمل عليه من الأحاديث فإني أعترف بصحته.
فقلت: روى مسلم في صحيحه والحميدي في الجمع بين الصحيحين في مسند عبد الله بن العباس قال: لما احتضر النبي - صلى الله عليه وآله - وفي البيت رجال منهم عمر بن الخطاب، فقال النبي - صلى الله عليه وآله -: هلموا أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا، فقال عمر: إن النبي قد اشتد عليه الوجع وأن الرجل ليهجر، فاختلف الحاضرون عند النبي - صلى الله عليه وآله -