قال: كصبر من ذبح ولدها في حجرها، فهي لا ترقأ دمعتها ولا تسكن عبرتها. قال: فكيف ذكرك له؟
قال: وهل يتركني الدهر أن أنساه (1).
(822) ابن عباس ومعاوية قيل: ودخل ابن عباس على معاوية، فقال: يا ابن عباس صف لي عليا قال: كأنك لم تره؟
قال: بلى ولكني أحب أن أسمع منك فيه مقالا.
قال: كان أمير المؤمنين - رضوان الله عليه - غزير الدمعة طويل الفكرة، يعجبه من اللباس ما خشن والطعام ما جشب، يدنينا إذا أتيناه، ويجيبنا إذا دعوناه وكان مع تقربته إيانا وقربه منا لا نبدأه بالكلام حتى يتبسم، فإذا هو تبسم فعن مثل اللؤلؤ المنظوم، أما والله يا معاوية، لقد رأيته في بعض مواقفه وقد أرخى الليل سدوله وغارت نجومه، وهو قابض على لحيته يبكي ويتململ تململ السليم وهو يقول: يا دنيا إياي تغرين؟ أمثلي تشوقين؟ لا حان حينك بل زال زوالك، قد طلقتك ثلاثا لا رجعة فيها، فعيشك حقير وعمرك قصير وخطرك يسير، آه آه من بعد السفر ووحشة الطريق وقلة الزاد..
قال: فأجهش معاوية ومن معه بالبكاء (2).