الحالة التي كان عليها من شدة المرض، وإذا كان بواسطة احتمل كذب الواسطة، لان الواسطة غير معصوم عن الكذب، والخبر المحتمل الكذب لا يكون حجة لجواز أن يكون بغير أمر النبي ولا علمه كما تذهب إليه، ويدل عليه خروج النبي في الحال لما علم وعزله أبا بكر وتوليه الصلاة بنفسه.
الثاني: انه لو كان بأمر النبي صلى الله عليه وآله كما تزعمون لكان خروج النبي مع ضعفه بالمرض وتنحيته أبا بكر عن المحراب وتوليه الصلاة بنفسه بعد صدور أمره بتقديمه مناقضة صريحة لا تليق بشأن من لا ينطق عن الهوى، لان الاتفاق واقع على أن أبا بكر لم يتم الصلاة بالناس وقد رواه أهل السنة في كثير من مصنفاتهم.
الثالث: لو سلمنا جميع ذلك، يعني أن الامر من الرسول مشافهة، وأنه يدل على الإمامة لكان خروج النبي في مرضه وعزله له مبطل (1) لتلك الإمامة، لأنه نسخها بنفسه فكيف يكون ما نسخة النبي بنفسه حجة على ثبوته؟! إن هذا منكم لعجيب غيرى، بل أقول: إن عزل النبي له بعد تقديمه كما زعمت إنما كان لاظهار نقصه عند الأمة وعدم صلاحيته للتقيدم في شئ أصلا، فإن من لا يصلح أن يكون إماما للصلاة مع أنها عندكم أقل المراتب لصحة تقديم الفاسق فيها عندكم، كيف يصلح أن يكون إماما عاما ورئيسا مطلقا مطاعا لجميع الخلق؟
وإنما كان قصده عليه السلام إن كان الامر صدر منه أن يظهر نقصه، وإنه غير صالح للتقديم للناس ليكون ذلك حجة عليهم، ولئلا يكون لهم عذر غدا عند الله بجهلهم حال هذا الرجل، وما أشبه هذه القصة بإعطاء سورة براءة وعزله عنها وإنفاذه بالراية يوم خيبر فإن ذلك كله كان لاظهار نقصه، وبيان أنه لا يصلح لشئ من الأشياء، ولا لامر من الأمور البتة، وأراد الله ورسوله إظهار نقصه