ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة) (1)، فكيف ساغ لعمر أن يختار منع النبي صلى الله عليه وآله من مراده مقابلا له بالشتم في وجهه بحضرة أصحابه؟
ولهذا كان عبد الله بن العباس إذا ذكر هذا الحديث يبكي حتى تبل دموعه خديه، ويقول: يوم الخمسين وما يوم الخميس وكان يقول دائما: الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وآله وبين كتابة الكتاب.
فقال: أما قوله: إن الرجل ليهجر مسلم، وأما قولكم: إن هذه اللفظة شتم فغير مسلم، أما أولا: فلان عمر لم يقصد بهذه اللفظة ظاهرها فإن في جلالة عمر وعظم شأنه ما يمنعه عن ذلك، ولكن إنما أخرجها على مقتضى خشونة طبعه و قوة غريزته، وقد وكان موصوفا بخشونة الطبع. وأما ثانيا: فلان قوله: إن نبيكم ليهجر مشتق من هجر يهجر مهاجرة فيكون معناه إن نبيكم ليهاجر، وأما قولكم: إنه منع النبي عن كتابة الكتاب، وقدم بين يديه، ورده عن مراده، فإنه اجتهاد منه ويسوغ لمثله الاجتهاد، فإنه لما رأى ترك هذا الكتاب أصلح للدين ساغ له المنع منه على مقتضى اجتهاده وإن كان مخطئا في ذلك الاجتهاد فإن الخطأ في الاجتهاد غير معاقب عليه ولا يصح ذم فاعله، لأنه أقصى تكليفه.
فقلت: إن هذا الاعتذار غير مجد وهذا الجواب غير مسموع، لأنه لا يسمن ولا يغني من جوع.
أما أولا: فلان قولك: إن هذه اللفظة غير شتم دليل على قلة معرفتك بلغة العرب وعدم اطلاعك على الاصطلاحات في مخاطباتهم، فإن ما هو دون هذه اللفظة شتم ولو قابل أحدهم أحدا بما دون هذه اللفظة لجرت إلى القتال وإراقة الدماء، فكيف يقابل بهذه اللفظة سيد المرسلين وخاتم النبيين؟! ولا ألومك أيها الشيخ على عدم فهمك الشتم من هذه اللفظة فإنك لست بعربي، وأما