أأقنع من نفسي بأن يقال: هذا أمير المؤمنين، ولا أشاركهم في مكاره الدهر، أو أكون أسوة لهم في جشوبة العيش! فما خلقت ليشغلني أكل الطيبات، كالبهيمة المربوطة، همها علفها، أو المرسلة شغلها تقممها، تكترش من أعلافها، وتلهو عما يراد بها، أو أترك سدى، أو أهمل عابثا، أو أجر حبل الضلالة، أو أعتسف طريق المتاهة! وكأني بقائلكم يقول: (إذا كان هذا قوت أبن أبي طالب، فقد قعد به الضعف عن قتال الأقران، ومنازلة الشجعان). ألا وإن الشجرة البرية أصلب عودا، والرواتع الخضرة أرق جلودا، والنابتات العذية أقوى وقودا، وأبطا خمودا؟ وأنا من رسول الله كالضوء من الضوء، والذراع من العضد. والله لو تظاهرت العرب على قتالي لما وليت عنها، ولو أمكنت الفرص من رقابها لسارعت إليها. وسأجهد في أن أطهر الأرض من هذا الشخص المعكوس، والجسم المركوس، حتى تخرج المدرة من بين حب الحصيد (١).
٢ - أمؤمنون أنتم؟:
٢ / ١ - الصدوق، عن أبيه، عن محمد بن يحيى، عن أبي سعيد الادمي، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن الحسن بن زياد العطار قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إنهم يقولون لنا: أمؤمنون أنتم؟ فنقول: نعم إن شاء الله تعالى، فيقولون: أليس المؤمنون في الجنة؟ فنقول بلى، فيقولون: أفأنتم في الجنة؟ فإذا نظرنا إلى أنفسنا ضعفنا وانكسرنا عن الجواب. قال فقال: إذا قالوا لكم: أمؤمنون أنتم؟ فقولوا نعم إن شاء الله. قال: قلت: وإنهم يقولون: إنما استثنيتم لأنكم شكاك.
قال: فقالوا: والله ما نحن بشكاك ولكنا استثنينا كما قال الله عز وجل: ﴿لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين﴾ (2) وهو يعلم أنهم يدخلونه أولا، وقد سمى الله عز وجل المؤمنين بالعمل الصالح (مؤمنين) ولم يسم من ركب الكبائر وما وعد الله عز وجل عليه النار في قرآن ولا أثر ولا تسمهم بالايمان بعد ذلك الفعل. (3) أقول: الرواية من حيث السند صحيحة.