أقول: أما الاحتمال الأول الذي أورده ابن حجر - أي اشتراك النبي (صلى الله عليه وآله) في تلك الحفلات من وراء حجاب - ففي غاية البطلان، وأن منطوق الحديث (فجلس على فراشي كمجلسك هذا) يكشف زيف هذا الاحتمال.
وأما الاحتمال الثاني: أن القصة وقعت قبل نزول آية الحجاب، ويدل كلام ابن حجر هذا على أن النبي (صلى الله عليه وآله) لم يكن متورعا من الأعمال المشينة والقبائح التي كانت متداولة في أيام الجاهلية.
وهذه السخافة مردودة بالأدلة والشواهد التاريخية وغيرها مما ذكرناها في ما سبق، وسنورد عليك شواهدا أخرى فيما يأتي بأن النبي (صلى الله عليه وآله) حتى في أيام طفولته وقبل البعثة كان يتبرأ من أعمال وعادات العرب في الجاهلية فكيف بعد أن بعث نبيا وفي أواخر حياته؟
وأضف إلى هذا فإنه لم نستكشف من كلام الربيع أن القصة وقعت قبل نزول آية الحجاب أو بعده.
وأما الاحتمال الأخير الذي احتمله وقواه ابن حجر (بأنه من خصائص النبي (صلى الله عليه وآله) جواز الخلوة بالمرأة الأجنبية والنظر إليها فهو مرفوض وغير مقبول خاصة على رأي الشيعة الذين أنكروا ذلك عليهم، وفندوا هذه الأفكار. وهذه الفكرة من الناحية الاجتماعية أصبحت ذريعة وحربة بيد أعداء الدين للإغارة على الإسلام وشخصية النبي (صلى الله عليه وآله).
قال سهل بن سعد: دعا أبو أسيد الساعدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) في عرسه، وكانت امرأته يومئذ خادمهم وهي العروس، قال سهل: تدرون ما سقت رسول الله (صلى الله عليه وآله)، انقعت له تمرات من الليل فلما أكل سقته إياه (1).