و (الكافية) في النحو، واندمج (الشهيد) بمحيطه هذا الجديد، وما أنس إليه من حديث السيد والشيخ، ومجالس العلم، وما كان يتلقاه من فقه ويلقيه من درس.
ولكنه لم يمر عليه سبعة أشهر في محيطه الجديد حتى عاده الحنين إلى وطنه الأول، وذكرياته الأولى فيه أيام حياة أبيه، فقرر أن يعود إلى وطنه.
العودة إلى الوطن:
ففي شهر جمادى الآخرة سنة 934 غادر (كرك نوح) إلى (جبع) مسقط رأسه ووطنه الأول، وبقي فيها إلى سنة 937، واشتغل هذه المدة بالمذاكرة والمطالعة، والتوجيه الديني والإرشاد، وقضاء حوائج الناس مما يتعاطاه العلماء في أطراف البلاد، فكان في هذه المدة مثال الرجل الرسالي والموجه المدير، والمشفق على أبناء بلده، واحتف حوله الناس، وأكثروا التردد عليه.
في دمشق:
ولكن (الشهيد) - وهو الشاب الطموح المتطلع دائما إلى الأعلى لم يشأ أن يقنع بهذا المستوى، وبهذا القدر الذي أوتي من الفضل والعلم والمكانة الاجتماعية، ولم يغره احتفاء الناس به، وإكبارهم له، فقرر أن يغادر (جبع) إلى (دمشق)، فارتحل إليها سنة 937، وظل فيها سنة واحدة حضر فيها درس المحقق الفيلسوف شمس الدين (محمد بن مكي).