ثم يتدرج في تذوق العلم والفقه، ويكثر من الدراسة والمراجعة بتلهف واشتياق، ويقطع مراحل الدراسة واحدة واحدة، ويملأ أهابه الشوق إلى المراحل العالية من الدراسة.
ويحدث نفسه كلما جلس إلى مجلس من مجالس العلم والفقه في بيتهم أو غير بيتهم عن اليوم الذي يتاح له أن يخوض غمار هذا الميدان، وأن يكون فارسه السباق، وأن يشترك معهم في الحديث والحوار، ويبدي رأيه فيمن يبدي رأيه من الفقهاء.
وكذلك كان لبيت (الشهيد) الأثر الأكبر في صقل مواهبه الذاتية وتكوينه الذهني والنفسي.
نشاة الشهيد في حياة والده:
ولد (الشهيد) في 13 شوال سنة 911 حسب نقل تلميذه ابن العودي واستشهد يوم الجمعة في شهر رجب سنة 966 كما ذكر في نقد الرجال أو 965 كما عن خط ولده الشيخ حسن.
ومنذ أيام صباه ظهرت ملامح النبوغ والدكاء عليه.
فختم قراءة الكتاب العزيز - كما ينقل عنه تلميذه ابن العودي - وهو لم يتجاوز بعد التسع سنوات، واشتغل بعد ذلك بقراءة فنون الأدب العربي والفقه على والده إلى أن توفي سنة 915، وكان والده عالما جليلا فاضلا من علماء (جبل عامل).
ويكفي في فضله أنه ربى نجله (الشهيد) وبلغ إلى هذا المستوى من الفقاهة والفكر، وكان من جملة ما قرأه عليه (المختصر النافع) و (اللمعة الدمشقية) بالإضافة إلى كتب الأدب، وجعل له راتبا شهريا