وربما يجوز لنا أن نقول: إن شيئا من المجاميع الحديثية التي دونت في هذا العصر لم يكن على هذا الغرار من استيعاب أبواب الفقه، وما صح عن الإمام في كل باب، فكانت الكتب والمدونات، والأصول أشبه بمجموعات شخصية يجمع فيها كل راو ما سمعه عن مشائخه، أو ما سمعه عن الإمام مباشرة بصورة مبعثرة، أو منظمة غير مستوعبة.
وقد يلتقي الباحث بكتاب، أو كتابين يخرج عن هذا الأطار إلا أن الطابع العام للتدوين في هذا العصر كان الصورة التي قدمناها للقارئ. هذه هي أهم ملامح هذا العصر.
وإذا صح أن المدرسة انتقلت من الكوفة إلى المدينة، أو إلى بغداد أو إلى طوس في هذا الفترة فقد كان لفترة قصيرة، وبصورة غير كاملة وبقيت الكوفة محتفظة بمكانتها حينا طويلا من هذا العصر.
العصر الثالث:
مدرسة (قم والري):
يبتدئ هذا العصر من الغيبة الكبرى، والربع الأول من القرن الرابع إلى النصف الأول من القرن الخامس.
في هذا الفترة انتقلت حركة التدريس والكتابة، والبحث إلى مدينتي (قم والري) وظهر في هذه الفترة شيوخ كبار من (أساتذة الفقه الشيعي) في مدينتي (قم والري) كان لهم أكبر الأثر في تطوير (الفقه الشيعي) فقد كانت (قم) منذ أيام (الأئمة) عليهم السلام بلدة شيعية، ومدينة كبيرة من أمهات المدن الشيعية، وكانت خصنا من (حصون الشيعة)