فقد يظهر أنه سافر إلى كثير من (مراكز الفكر الإسلامي السني) كبغداد ومصر والقدس والحرمين، وغيرها، ولم يمنعه اختلافه الفكري مع المدرسة السنية أن يحشر نفسه فيهم، ويتلقى منهم، ويلقي إليهم ويتفاعل معهم.
ولم تكن رحلاته المتكررة والطويلة إلى هذه الأقطار لغرض السياحة أو التجارة، أو الترويج عن النفس، وإنما كان لغرض فكري خالص فكان كثير التردد على مجالس السنة وحلقاتهم، وكثير المطالعة لكتبهم ووثيق الاتصال بشيوخهم.
ويشعرنا النص ثانيا أنه تلقى من (مشايخ السنة) أمهات الكتب الحديثية والفقهية التي يتعاطاها أئمة السنة: من الصحاح، والمسانيد والسنن، وغيرها وهذا يدل على أن (الشهيد الأول) رحمه الله كان يملك عقلية ناضجة متفتحة لا تنطوي على إطار فكري خاص، ولا يقتصر على لون من التفكير، مما يندر وجود مثله عند عامة العلماء والمفكرين.
ونحن نستطيع أن نعتبر هذه الظاهرة: ظاهرة رحلات الشيخ واتصاله بعلماء السنة مفيدا ومستفيدا: مفتاحا لدراسة شخصية الإمام الشهيد الأول.
شيوخه وأساتذته:
يستطيع الباحث أن يلمس شخصية (الشهيد الأول) الفكري من استعراض شيوخ الفكر والعلم الذين اتصل بهم، وأخذ عنهم، وحضر مجالسهم منذ نعومة أظفاره إلى أن انتقل إلى جزين، وأسس فيها مدرسته