تاريخ الفقه الشيعي مما يؤسف له أن (الفقه الشيعي) لم يؤرخ من قبل الباحثين إلى حد اليوم بصورة منهجية كاملة، ومن تحدث عن تاريخ تكامل (الفقه الشيعي) وتطور الكتابة الفقهية لم يتجاوز ترجمة الفقهاء، وتصنيف طبقات المحدثين. ولم يظهر لحد الآن تصنيف لعصور الفقه الشيعي، ومراكز تطور الدراسات الفقهية لدى (الشيعة)، وظهور المدارس الفقهية الشيعية على امتداد خط (التاريخ الإسلامي)، وبيان ملامح هذه المدارس وما تمتاز به كل مدرسة على سابقتها، مما نجعلها مدارس متعاقبة ومتوالية في التكامل والنمو.
ولم يبحث أحد من الدارسين كيف (تطور الفقه الشيعي) من مستوى المجموعات الحديثية، والأصول الأربعمائة إلى مستوى (الحدائق الناضرة) و (جواهر الكلام).
وهذه مسألة مهمة تحتاج إلى كثير من العناية، والدرس قد نتوفر عليها بصورة سريعة في هذه الدراسة، لعلنا نتوفق أن نفتح الطريق لمن يأتي من بعد: من الباحثين، والدارسين، ليدرسوا الموضوع بشئ أكثر من الدقة والعناية والإحاطة.
ولتطور (المدرسة الفقهية) عند الشيعة تاريخ طويل، كما يكون ذلك لأية ظاهرة اجتماعية أخرى، وكما يكون ذلك لأي كائن حي.
ولدراسة تاريخ (تطور الدراسة الفقهية لدى الشيعة) يجب أن نضم حلقات هذا التطور بعضها إلى بعض، وتربط الظاهرة الفقهية بالظواهر المحيطية الأخرى التي تتصل بها، والتي تتفاعل معها على امتداد التاريخ.