جانبا منها، ولكن حنينه إلى وطنه، ومسقط رأسه، وشوقه إلى لقاء أقاربه وأصدقائه وسائر معاريفه الذين فارقهم منذ خمس سنوات.، كل هذا سبب رجوعه إلى بلده وبقائه فيه، ولكن الذي يظهر مما كتبه ابن العودي في رسالته أن مجيئه هذا إلى وطنه كان بداية ما لقيه (الشهيد) من الضغط الشديد، والمراقبة عليه، وإحاطته بالعيون والجواسيس.
يقول ابن العودي:
وهذا التاريخ - أي تاريخ عودته إلى بلده - كان خاتمة أوقات الأمان والسلامة من الحدثان.. أخبرني قدس الله لطيفة وكان في منزلي بجزين متخفيا من الأعداء.
وربما يكون السبب في هذا الضغط الشديد الإقبال الهائل الذي لقيه (الشهيد) حين وجوده ببعلبك، إذ كانت النفوس المريضة لا تروق لها أن يكون لهذا الإنسان العظيم مثل هذه المكانة السامية، والسمعة الطيبة التي غطت شهرة الآخرين في (بعلبك).
ويعتقد بعض المؤرخين أن القاضي (معروف الشامي) - الذي سبق أن ذكرنا قصته مع الشهيد في إرساله تلميذه ابن العودي إليه كان له يد في هذه المراقبة والضغط والعنت التي لقيها (الشهيد) وهو الذي سعى أخيرا في قتله.
آثار الشهيد الثاني:
قضى (الشهيد الثاني) شطرا طويلا من عمره في الأسفار، والحضور عند العلماء في كافة الأقطار كما رأينا طرفا من هذا فيما مضى، وكانت أوقاته مستغرقة بالفتيا، والقيام بالمهام الشرعية والاجتماعية كلما نزل بمكان