أقول: فهل جرى لأبيك وأمك من يعز عليك مثل هذا البلاء والابتلاء الذي لا يجوز ويهون عليك، ولا أحد من المسلمين ولا على من يعرف منازل أولاد الملوك والسلاطين.
أقول: فإذا كان أواخر نهار يوم عاشوراء فقم قائما (١) وسلم على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعلى مولانا أمير المؤمنين وعلى مولانا الحسن بن علي وعلى سيدتنا فاطمة الزهراء وعترتهم الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين، وعزهم على هذه المصائب بقلب محزون وعين باكية ولسان ذليل بالنوائب، ثم اعتذر إلى الله جل جلاله واليهم من التقصير فيما يجب لهم عليك وان يعفو عما لم تعمله مما كنت تعمله مع من يعز عليك، فإنه من المستبعد ان تقوم في هذا المصاب الهائل بقدر خطبه النازل.
واجعل كلما يكون من الحركات والسكنات في الجزع عليه خدمة لله جل جلاله ومتقربا بذلك إليه، واسأل من الله جل جلاله ومنهم ما يريدون ان يسأله منهم، وما أنت محتاج إليه وان لم تعرفه ولم تبلغ أملك إليه، فإنهم أحق ان يعطوك على قدر امكانهم، ويعاملوك بما يقصر عنه سؤالك من إحسانهم.
أقول: ولعل قائلا يقول: هلا كان الحزن الذي يعملونه من أول عشر المحرم قبل وقوع القتل، يعملونه بعد يوم عاشوراء لأجل تجدد القتل.
فأقول: ان أول العشر كان الحزن خوفا مما جرت الحال عليه، فلما قلت صلوات الله عليه وآله دخل تحت قول الله تعالى:
﴿ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون * فرحين بما آتيهم الله من فضله ويستبشرون بالدين لم يلحقوا بهم من خلفهم الا خوف عليهم ولا هم يحزنون﴾ (2)، فلما صاروا فرحين بسعادة الشهادة وجب المشاركة لهم في السرور بعد القتل لتظفرهم بالسعادة.
فان قيل: فعلام تجددون قراءة المقتل والحزن كل عام؟