أقول: فإذا علمت ما ذكرنا من هذا الإحتياطات للعبادات والاستظهار في الروايات والسجدات، ولم يسمح عقلك بالخضوع ولا قلبك بالخشوع، ولا عينك بالدموع، فاشتغل بالبكاء على قساوة قلبك، وغفلتك عن ربك وما أحاط بك من ذنبك، عن الطمع في قضاء حاجتك التي ذكرتها في دعواتك، وبادر رحمك الله إلى معالجة داءك وتحصيل شفائك، فأنت مدنف المرض على شفاء وتب من كل ذنب، واطلب العفو ممن عودك أنك إذا طلبت العفو منه عفى.
أقول: ونحن نذكر تمام رواية جدنا أم داود رضوان الله عليهما ليعلم كيفية تفصيل إحسان الله جل جلاله إليهما، فلا تقنع لنفسك أن تكون معاملتك لله جل جلاله وإخلاصك له واختصاصك به والتوصل في الظفر برحمته وإجابته دون امرأة، والنساء رعايا للعقلاء، والرجال قوامون على النساء، وقبيح بالرئيس أن يكون دون واحد من رعيته.
فقال أم جدنا داود رضوان الله عليه: فكتبت هذا الدعاء وانصرفت ودخل شهر رجب وفعلت مثل ما أمرني به (تعني الصادق عليه السلام - ثم رقدت تلك الليلة، فلما كان في آخر الليل رأيت محمدا صلى الله عليه وآله وكل من صليت عليهم من الملائكة والنبيين، ومحمد صلى الله عليه وآله وعليهم يقول (1): يا أم داود أبشري وكل من ترين من إخوانك - وفي رواية أخرى: من أعوانك وإخوانك وكلهم يشفعون لك، ويبشرونك بنجح حاجتك وأبشري فان الله تعالى يحفظك ويحفظ ولدك ويرده عليك.
قالت: فانتبهت فما لبثت إلا قدر مسافة الطريق من العراق إلى المدينة للراكب المجد المسرع العجل، حتى قدم علي داود، فسألته عن حاله فقال: إني كنت محبوسا في أضيق حبس وأثقل حديد - وفي رواية: وأثقل قيد (إلى يوم النصف من رجب.
فلما كان الليل رأيت في منامي كأن الأرض قد قبضت لي، فرأيتك على حصير صلاتك، وحولك رجال رؤوسهم في السماء، وأرجلهم في الأرض يسبحون الله تعالى