ولأجل حرماته التي يأتي ذكرها في روايات بركاته وخيراته.
فكن مقبلا على مواسم (1) هذا الشهر بعقلك وقلبك، ومعترفا بالمراحل والمكارم المودعة فيك من ربك، واملأ ظهور مطاياه من ذخائر طاعتك لمولاه ورضاه ومما يسرك ان تلقاه، واجتهد ان لا تبقى في المنزل الذي تعلم انك راحل عنه ما تندم على تركه أولا بذلك منه، فكلما أنت تاركه منهوب مسلوب وأنت مطلوب مغلوب، وسائر عن قليل وراء مطايا أعمالك، ونازل حيث حملت ما قدمت من قماشك ورحالك، فاحذر نفسي وإياك أن يكون المقتول من الذخائر ندما وشرابه علقما (2) وعافيته سقما.
فهل تجد انك تقدر على إعادة المطايا إلى دار الرزايا تعيد عليك ما مضى من حياتك، وتستدرك ما فرطت فيه من طاعاتك ونقل مهماتك وسعاداتك، هيهات هيهات لقد كنت تسمع وأنت في الدنيا بلسان الحال تلهف النادمين وتأسف المفرطين وصارت الحجة عليك لرب العالمين، فاستظهر رحمك الله استظهار أهل الامكان في الظفر بالأمان والرضوان.
وسوف نذكر من طريق الاخبار طرفا من العبادات والاسرار في الليل والنهار المقتضية لنعيم دار القرار، فلا تكن عن الخير نواما ولا لنفسك يوم القيامة لواما، وإذا لم نذكر اسنادا لكلها فسوف نذكر أحاديث مسندة عن الثقات انه من بلغه اعمال صالحة وعمل بها فإنه يظفر بفضلها، وقد قدمناها في أول المهمات، وإنما أعددناها هاهنا في المراقبات.
فمن ذلك اننا روينا بإسنادنا إلى أبي جعفر بن بابويه رضوان الله عليه من كتاب ثواب الأعمال فيما رواه باسناده إلى صفوان عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام أنه قال : من بلغه شئ من الخير فعمل به كان له أجر ذلك، وإن كان رسول الله صلى الله عليه وآله لم يقله (3).