ومنها: التنبيه على أن الذي صحبه إلى الغار - على ما تضمن (1) وصف صحبته في الاخبار - يصلح في تلك الحادثات الا للهرب ولأوقات الذل والخوف من الاخطار التي يصلح لها مثل النساء الضعيفات، والغلمان الذين يصيحون في الطرقات عند الهرب من المخافاة، وما كان يصلح للمقام بعده ليدفع عنه خطر العداء، ولا أن يكون معه بسلاح ولا قوة لمنع شئ من البلاد.
ومنها: ان الطبري في تاريخه وأحمد بن حنبل رويا في كتابيهما ان هذا الرجل المشار إليه ما كان عارفا بتوجه النبي صلوات الله عليه، وانه جاء إلى مولانا علي عليه السلام فسأله عنه، فأخبره انه توجه فتبعه بعد توجهه حتى تظفر به، وتأذى رسول الله صلى الله عليه وآله بالخوف منه، لما توجه لما تبعه وعثر بحجر ففلق قدمه.
فقال الطبري في تاريخه ما هذا لفظه: (فخرج أبو بكر مسرعا ولحق نبي الله صلى الله عليه وآله في الطريق، فسمع النبي جرس أبي بكر في ظلمة الليل، فحسبه من المشركين، فأسرع رسول الله صلى الله عليه وآله يمشي، فانقطع (2) قبال نعله، ففلق ابهامه حجر وكثر دمها، فأسرع المشي فخاف أبو بكران يشق على رسول الله صلى الله عليه وآله فرفع صوته وتكلم، فعرفه رسول الله، فقام حين أتاه، فانطلقا ورجل رسول الله صلى الله عليه وآله تشر (3) دما حتى انتهى إلى الغار مع الصبح، فدخلاه وأصبح الرهط الذين كانوا يرصدون رسول الله صلى الله عليه وآله فدخلوا الدار، فقام علي عليه السلام عن فراشه، فلما دنوا منه عرفوه، فقالوا له: أين صاحبك؟ قال: لا أدري، أو رقيبا كنت عليه أمرتموه بالخروج، فخرج، فانتهروه (4) وضربوه وأخرجوه إلى المسجد، فحبسوه ساعة ثم تركوه ونجى رسول الله صلى الله عليه وآله.) (5) أقول: وما كان حيث لقيه يتهيأ ان يتركه النبي صلى الله عليه وآله ويبعد منه خوفا