زاده من المناقب الجميلة وجعله أهل ان يقيم ثلاثة أيام بمكة لحفظ عيال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله، وان يسير بهم ظاهرا على رغم الأعداء، وهو وحيد من رجاله ومن يساعده، على ما بلغ من المخاطرة إليه.
ومنها: ان هذا الاستسلام من مولانا علي صلوات الله عليه للقتل وفدية النبي صلوات الله عليه، أظهر مقاما وأعظم تماما من استسلام جده الذبيح إسماعيل لإبراهيم الخليل عليه وعليهم السلام، لأن ذلك استسلام لوالد شفيق يجوز معه ان يرحمه الله جل جلاله ويقيه من ذبح ولده، كما جرى الحال عليه من التوفيق، ومولانا علي عليه السلام استسلم للأعداء، الذين لا يرحمون ولا يرجون لمسامحة في البلاء.
ومنها: ان إسماعيل عليه السلام كان يجوز ان الله جل جلاله يكرم أباه بأنه لا يجد للذبح ألما، فان الله تعالى قادر ان يجعله سهلا، رحمة لأبيه وتكرما، ومولانا علي عليه السلام استسلم للذين طبعهم القتل في الحال على الاستقصاء وترك الابقاء والتعذيب إذا ظفروا بما قدروا من الابتلاء.
ومنها: ان ذبح إسماعيل بيد أبيه الخليل عليه السلام ما كان فيه شماتة ومغالبة ومقاهرة من أهل العداوات، وإنما هو شئ من الطاعات المقتضية للسعادات والعنايات، ومولانا علي عليه السلام كان قد خاطر بنفسه لشماتة الأعداء والفتك (1) به، بأبلغ غايات الإشتقاء والاعتداء، والتمثيل بمهجته الشريفة والتعذيب له بكل إرادة من الكفار سحيفة.
ومنها: ان العادة قاضية وحاكمة ان زعيم العسكر إذا اختفى أو اندفع عن مقام الاخطار وانكسر علم القوة والاقتدار، فإنه لا يكلف رعيته المتعلقون عليه ان يقفوا موقفا قد فارقه زعيمهم وكان معذورا في ترك الصبر عليه، ومولانا علي عليه السلام كلف الصبر والثبات على مقامات قد اختفى فيها زعيمة الذي يعول عليه صلوات الله وسلامه عليه، وانكسر فيها علم القوة الذي تنظر عيون الجيش إليه، فوقف مولانا على صلوات