مستبد فأزالها عني إلى ابن عفان طمعا " في الشحيح ما معه فيها وابن عفان رجل لم يستو به وبواحد ممن حضر حال قط فضلا " عمن دونهم، لا ببدر القوم التي هي واحدة القوم و سنام فخرهم (1) ولا غيرها من المآثر التي أكرم الله بها رسوله صلى الله عليه وآله ومن اختصه معه من أهل بيته، ثم لم أعلم القوم أمسوا من يومهم ذلك حتى ظهرت ندامتهم ونكصوا على أعقابهم وأحال بعضهم على بعض، كل يلوم نفسه ويلوم أصحابه، ثم لم تطل الأيام بالمستبد بالأمر ابن عفان حتى أكفروه وتبرؤوا منه ومشى إلى أصحابه خاصة وسائر أصحاب النبي صلى الله عليه و آله عامة يستقيلهم من بيعته ويتوب إلى الله من فلتته، وكانت هذه يا أخا اليهود أكبر من أختيها وأفظع (2)، وأحرى ألا يصبر عليها، فنالني منها الذي لا يبلغ وصفه ولا يحد وقتها، ولم يكن عندي إلا الصبر على ما أمض (3) وأبلغ منها ولقد أتاني الباقون من الستة من يومهم، كل راجع عما كان منه يسألني خلع ابن عفان والوثوب عليه في أخذ حقي ويعطيني صفقته وبيعته على الموت تحت رايتي أو يرد الله علي حقي.
ثم بعد ذلك مرة أخرى أمتحن القوم فيها بألوان المحن، مرة بحلق الرؤوس ومرة بمواعيد الخلوات ومرة بموافاة الأماكن، كل ذلك بقي القوم بوعدهم، فوالله يا أخا اليهود ما منعني منها إلا الذي منعني من أختيها قبلها ورأيت الإبقاء على من بقي من الطائفة أبهج لي وآنس لقلبي من فنائها وعلمت أني إن حملتها على دعوة الموت ركبته وأما نفسي فقد علم من حضر ممن ترى ومن غاب من أصحاب محمد صلى الله عليه وآله أن الموت عندي بمنزلة الشربة الباردة في اليوم الشديد الحر من ذي العطش الصدى (4) ولقد كنت عاهدت الله ورسوله صلى الله عليه وآله أنا وعمي حمزة وأخي جعفر وابن عمي عبيدة على أمر وفينا به لله ولرسوله صلى الله عليه وآله فتقدمني أصحابي وتخلفت بعدهم لما أراد الله عز وجل فأنزل الله فينا " من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومن من ينتظر وما