الجنة فأقبلوا حتى انتهوا إلي من آخر النهار فأمرت فتياني فنحروا جزورا وحلبوا من اللبن فبات القوم يطعمون من اللحم ما شاؤوا ويسقون من اللبن، ثم أصبحوا، فقلت: ما أنتم بمنطلقين حتى تطعموا أو تزودوا، فقال رجل منهم وضحك إلى صاحبه، فقلت:
ولم ضحكت؟ فقال: أبشر ببشرى الله ورسوله، فقلت: وما ذاك؟ قال: فقال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وآله في هذا الفج وأخبرناه أنه ليس لنا زاد ولا هداية الطريق، فقال: ستلقون رجلا صبيح الوجه يطعمكم الطعام ويسقيكم من الشراب ويد لكم على الطريق من أهل الجنة فلم نلق من يوافق نعت رسول الله صلى الله عليه وآله غيرك، قال: فركبت معهم فأرشدتهم الطريق ثم انصرفت إلى فتياني وأوصيتهم بإبل ثم سرت كما أنا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله حتى بايعت وأسلمت و أخذت لنفسي ولقومي أمانا " من رسول الله صلى الله عليه وآله، إنا آمنون على أموالنا ودمائنا إذا شهدنا أن لا إله إلا الله وأن محمدا " رسول الله، وأقمنا الصلاة وآتينا الزكاة فأقمنا سهم الله و رسوله فإذا فعلتم ذلك فأنتم آمنون على أموالكم ودمائكم، لكم بذلك ذمة الله ورسوله لا يعتدى عليكم في مال ولا دم، فأقمت مع رسول الله صلى الله عليه وآله ما أقمت وغزونا معه غزوات وقبض الله رسوله صلى الله عليه وآله (1).
قال: كان عمرو بن الحمق الخزاعي شيعة لعلي بن أبي طالب عليه السلام فلما صار الأمر إلى معاوية انحاز إلى شهر زور من الموصل وكتب إليه معاوية:
أما بعد فإن الله أطفأ النائرة، وأخمد الفتنة، و جعل العاقبة للمتقين، ولست بأبعد أصحابك همة ولا أشدهم في سوء الأثر صنعا، كلهم قد أسهل (2) بطاعتي وسارع إلى الدخول في أمري وقد بطؤ بك ما بطؤ فادخل فيما دخل فيه الناس يمح عنك سالف ذنوبك ومحى داثر حسناتك ولعلي لا أكون لك دون من كان قبلي إن أبقيت واتقيت ووقيت وأحسنت فاقدم علي آمنا في ذمة الله وذمة رسوله صلى الله عليه وآله محفوظا " من حسد القلوب وإحن الصدور (3) وكفي بالله شهيدا ".