لي بيعته كل ما أتاني ثم يتثاءب علي بما يطعم (1) من أموال المسلمين والتحكيم عليهم ليستديم قليل ما يفنى بما يفوته من كثير ما يبقى، وأعجب العجب أنه لما رأى ربي تبارك وتعالى قد رد إلي حقي وأقره في معدنه وانقطع طمعه أن يصبح في دين الله رابعا " (2) وفي أمانته التي حملناها حاكما " كر علي العاصي ابن العاصي فاستماله فمال إليه، ثم أقبل به بعد أن أطعمه مصر وحرام عليه أن يأخذ من الفيئ فوق قسمه درهما " وحرام على الراعي إيصال درهم إليه فوق حقه والإغضاء له على ما يأخذه، فأقبل يخبط البلاد بالظلم ويطؤها بالغشم، (3) فمن بايعه أرضاه ومن خالفه ناواه.
ثم توجه إلي ناكثا " علينا، مغيرا " في البلاد، شرقا " وغربا " ويمينا " وشمالا " و الأنباء تأتيني والأخبار ترد علي بذلك، فأتاني أعور ثقيف (4) فأشار علي بأن أوليه الناحية التي هو بها لأداريه بما الذي أوليه منها، وفي الذي أشار به الرأي في أمر الدنيا لو وجدت عند الله في توليته لي مخرجا " وأصبت لنفسي فيما أتى من ذلك عذرا "، فما عملت الرأي في ذلك وشاورت من أثق بنصيحته لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وآله ولي وللمؤمنين، فكان رأيه في ابن آكلة الأكباد كرأيي، ينهاني عن توليته ويحذرني أن أدخل في أمر المسلمين يده، ولم يكن الله ليعلم أني أتخذ من المضلين عضدا "، فوجهت إليه أخا بجيلة مرة وأخا الأشعريين مرة أخرى، فكلاهما (5) ركن إلى دنياه وتابع هواه فيما أرضاه، فلما رأيته لم يزد فيما انتهك من محارم الله إلا تماديا " شاورت من معي من أصحاب محمد صلى الله عليه وآله البدريين والذين ارتضى الله أمرهم ورضي عنهم عند بيعتهم وغيرهم من صلحاء المسلمين [و] التابعين فكل يوافق رأيه رأيي [في غزوته ومحاربته ومنعه مما نالت يده] فنهضت إليه بأصحابي، أنفذ إليه من كل موضع كتبي وأوجه إليه رسلي وأدعوه إلى الرجوع عما هو فيه والدخول فيما فيه الناس معي، فكتب يتحكم علي ويتمنى علي الأماني ويشترط علي شروطا " لا يرضاها الله عز وجل ولا رسوله صلى الله عليه وآله ولا المسلمون ويشترط علي في بعضها أن أدفع إليه أقواما "