على الصبر على مقدار فواق الناقة أو ركضة الفرس، فلم يفعلوا ما خلا هذا الشيخ - وأومأ بيده إلى الأشتر - وعصبة من أهل بيتي فوالله ما منعني أن أمضي على بصيرتي إلا مخافة أن يقتل هذان - وأومأ بيده إلى الحسن والحسين عليهما السلام - فينقطع نسل رسول الله صلى الله عليه وآله وذريته من أمته ومخافة أن يقتل هذان - وأومأ بيده إلى عبد الله بن جعفر ومحمد بن الحنفية رضي الله عنهما - فإني أعلم لولا مكاني لم يقفا ذلك الموقف، فلذلك صبرت على ما أراد القوم مع ما سبق فيه من علم الله، فلما أن رفعنا عن القوم سيوفنا تحكموا في الأمور وتخيروا الأحكام والآراء وتركوا المصاحف وما دعوا إليه من حكم القرآن فأبيت أن أحكم في دين الله أحدا إذ كان التحكيم في ذلك الخطأ الذي لا شك فيه ولا امتراء، فلما أبوا إلا ذلك أردت أن أحكم رجلا " من أهل بيتي أو من أرضي رأيه وعقله وأوثق بنصيحته ومودته ودينه وأقبلت لا أسمي أحدا " إلا امتنع ابن هند منه ولا أدعوه إلى شئ من الحق إلا أدبر عنه وأقبل ابن هند يسومنا عسفا " (1)، وما ذاك إلا باتباع أصحابي له على ذلك، فلما أبوا إلا غلبتي على التحكيم تبرأت إلى الله عز وجل منهم وفوضت ذلك إليهم فقلدوه امرءا " كان أصغر في العلم.
ثم أخرج منه قد عرف وعرف الأولى مثله إلى واحد من دنياه (2) فخدعه ابن العاص خديعة ظهرت في شرق الأرض وغربها وأظهر المخدوع عليها ندما " قليل غناؤه.
ثم أقبل على أصحابه فقال: أليس كذلك؟ قالوا: بلى يا أمير المؤمنين.
وأما السابعة يا أخا اليهود فإن رسول الله صلى الله عليه وآله كان عهد إلي أن أقاتل في آخر أيامي قوما " من أصحابي يصومون النهار ويقومون الليل ويتلون كتاب الله، يمرقون من الدين بخلافهم لي ومحاربتهم إياي مروق السهم من الرمية (3)، فيهم ذو الثدية، يختم لي بقتلهم بالسعادة، فلما انصرفت إلى موضعي هذا - يعني بعد الحكمين - أقبل بعض القوم على بعض باللائمة فيما صاروا إليه من تحيكم الحكمين ولم يجدوا لأنفسهم من ذلك مخرجا إلا أن قالوا: كان ينبغي لأميرنا ألا يبايع من أخطأ منا وأن يمضي بحقيقة رأيه على قتل نفسه (4) وقتل من