جبل إربا " لفعل ولو ببذل ماله ونفسه وأهله وولده، فبلغتهم رسالة النبي صلى الله عليه وآله وقرأت عليهم كتابه فكل تلقاني بالتهدد والوعيد ويبدي البغضاء ويظهر الشحناء من رجالهم ونسائهم وكان مني في ذلك ما قد رأيتم.
ثم التفت إلى أصحابه فقال: أليس كذلك؟ قالوا: بلى يا أمير المؤمنين.
قال: يا أخا اليهود هذه المواطن التي امتحنني فيهن ربي مع رسول الله صلى الله عليه وآله، فوجدني فيهن كلها بمنه مطيعا "، ليس لأحد فيها مثل الذي لي ولو وصفت ذلك لاتسع لي فيه القول ولكن الله نهى عن التزكية.
فقالوا: صدقت يا أمير المؤمنين فوالله لقد أعطاك الله الفضيلة بالقرابة من نبينا صلى الله عليه وآله وأسعدك بأن جعلك أخاه، تنزل منه بمنزلة هارون من موسى، وفضلك بالمواقف التي باشرتها، والأهوال التي ركبتها، وذخرك الذي ذكرت وأكثر منه مما لم تذكره مما ليس لأحد من المسلمين مثله، يقول ذلك من شهدك منا مع نبينا ومن شهدك منا بعده فأخبرنا يا أمير المؤمنين بما امتحنك الله بعد نبينا صلى الله عليه وآله فاحتملته وصبرت عليه، فإنا لو شئنا أن نصف ذلك لك لوصفناه علما " منا به وظهورا " عليه إلا أنا نحب أن نسمع منك ذلك كما سمعنا منك ما امتحنك الله به في حياته فأطعته فيه.
قال: يا أخا اليهود إن الله تبارك وتعالى امتحنني بعد وفاة نبيه صلى الله عليه وآله في سبعة مواطن فوجدني فيهن من غير تزكية لنفسي بمنه ونعمته صبورا ".
أما أولهن فإنه لم يكن لي خاصة دون المسلمين عامة أحد آنس به ولا أعتمد عليه ولا أستنيم إليه (1) ولا أتقرب إلى الله بطاعته ولا أنهج به في السراء ولا أستريح إليه في الضراء غير رسول الله صلى الله عليه وآله وهو رباني صغيرا " وبوأني كبيرا " وكفاني العيلة وجبرني من اليتم و أغناني عن الطلب ووقاني المكسب وعال لي النفس والأهل والولد هذا في تصاريف أمر الدنيا مع ما خصني به من الدرجات التي قادتني إلى معالي الحظوة عند الله (2) فنزل بي