بأهل، فقال كل قوم: منا أمير، وما طمع القائلون في ذلك إلا ليتناول الأمر غيري، فلما دنت وفاة القائم وانقضت أيامه صير الأمر من بعده لصاحبه وكانت هذه أخت أختها ومحلها مني مثل محلها وأخذها مني ما جعل الله لي مثل أخذها واجتمع إلي نفر من أصحاب محمد صلى الله عليه وآله ممن مضى - رحمه الله - وممن بقي أخره الله ممن اجتمع فقالوا لي فيها مثل الذي قالوا لي في أختها، فلم يعد قولي الثاني قولي الأول صبرا " واحتسابا " ويقينا " وإشفاقا " من أن تفنى عصبة تألفها رسول الله صلى الله عليه وآله باللين مرة وبالشدة أخرى. وبالبذل مرة وبالسيف أخرى، حتى لقد كان من تألفه لهم أن كان الناس في السكن والقرار والشبع و الري واللباس والوطاء والدثار ونحن أهل بيت محمد صلى الله عليه وآله لا سقوف لبيوتنا ولا أبواب ولا سور إلا الجرائد وما أشبهها ولا وطاء لنا ولا دثار علينا تداولنا الثوب الواحد في الصلاة أكثرنا ونطوي الأيام والليالي جوعا " عامتنا فربما أتانا الشئ مما أفاءه الله وصيره لنا خاصة دون غيرنا ونحن على ما وصفت من حالنا فيؤثر به رسول الله صلى الله عليه وآله أرباب النعم و الأموال تألفا " منه لهم واستكانة منه لهم فكنت أحق من لم يفرق هذه العصبة التي ألفها رسول الله صلى الله عليه وآله ولم يحملها على الخطة التي لا خلاص لها منها دون بلوغها أو فناء آجالها لأني لو نصبت نفسي فدعوتهم إلى نصرتي كانوا مني وفي أمري على إحدى منزلتين إما متبع مقاتل أو مقتول إن لم يتبع الجميع، وما خاذل يكفر بخذلانه إن قصر عن نصرتي أو أمسك عن طاعتي، وقد علم أني منه صلى الله عليه وآله بمنزلة هارون من موسى، يحل به في مخالفتي و الإمساك عن نصرتي ما أحل قوم موسى بأنفسهم في مخالفتهم هارون وترك طاعته، ورأيت تجرع الغصص ورد أنفاس الصعداء ولزوم الصبر حتى يفتح الله أو يقضي بما أحب أزيد لي في حظي من الله وأرفق بالعصابة التي وصفت أمرهم وكان أمر الله قدرا " مقدورا "، ولو لم أتق هذه الحال يا أخا اليهود ثم طلبت حقي لكنت أولى ممن طلبه لعلم من مضى من أصحاب محمد صلى الله عليه وآله ومن بحضرتك منهم، إني كنت أكثر عددا " وأعز عشيرة وأمنع رجالا " وأطوع أمرا " وأوضح حجة وأكثر في هذا مناقبا " وآثارا " بسوابقي وقرابتي ووراثتي فضلا " عن استحقاقي في ذلك بالوصية التي لا مخرج للعباد منها والبيعة المتقدمة في أعناقهم ممن تناولها، ولقد قبض صلى الله عليه وآله وأن ولاية الأمة في يده وفي بيته، لا في أيدي الذين تناولوها ولا في بيوتهم،
(١٧٢)