كأني واقف بين يدي المهدى وهو يسألني عن حالي وأنا أشكو إليه ما نكبني به الرشيد وأنهيت حالي إليه وأقول: ادع عليه يا أمير المؤمنين فكأنه يقول:
اللهم أصلح ابني هارون. يكررها فكأني أقول له يا أمير المؤمنين: أشكو إليك ظلم هارون لي وأسألك أن تدعو عليه فتدعو له. فقال لي: وما عليك إذا أصلحه الله لك وللكافة أن يبقى على حاله هو ذا أمضى إليه الساعة وآمره أن يرجع لك ويقضى دينك ويوليك جند دمشق فكأني أومى إليه بسبابتي وأقول له دمشق. دمشق استقلالا لها؟! فكأنه يقول حركت مسبحتك استقلالا لدمشق انها رؤيا. وكيف قل حظك منها كان في العاقبة أجود لك.
فانتبهت وأحضرت مؤدبا كان لي في أيام المهدى فسألته عن المسبحة فقال:
كان عبد الله بن العباس يسمى السبابة بالمسبحة فما سبب سؤالك أيها الأمير عنها؟ فقصصت عليه الرؤيا وأمتنع النوم عنى، فأخذ يحدثني وأنا جالس في فراشي إذ جاءني رسول الرشيد فارتعت له ارتياعا شديدا ولم أعبأ بالمنام، وخفت أن يكون يريدني بسوء يوقعه بي فخفت وقلت أدافعه إلى أن تطلع الشمس ثم أدخل عليه نهارا فإن كان أراد بي غيلة لم تتم. فتقاطرت رسله حتى أعجلوني عن الرأي واضطروني إلى الركوب في الحال فدخلت عليه وأنا شديد الجزع، وهو جالس في فراشه ينتحب فلما رآني قال سألتك بالله يا أخي هل رأيت الليلة في منامك شيئا؟ قلت: نعم. الساعة رأيت المهدى فلما قلت له ازداد بكاؤه. ثم قال ويحك: بالله شكوتني إليه وسألته أن يدعو على. قلت كان ذلك، ولكنه قال: كذ، وكذا. وشرحت عليه ما قال. فقال: والله الساعة جاءني في منامي فقص على ما ذكرت. وقد وفى بعهده، والله لأمتثلن أمره ولأصلن رحمي منك، كم دينك؟ قلت: كذا.
وكذا. فأمر بقضائه وقال: لا تبرح حتى أصلى وأعقد لك على دمشق.
فانتظرت حتى وجبت الصلاة فاستدعاني فأظهر تكرمتي، وعقد لي لواء على دمشق، وأمر الناس فصاروا معي إلى منزلي فعاد جاهي وصلحت حالي * وقال: حدثني أبو القاسم طلحة بن محمد الشاهد، قال: حدثني أبو الحسين