الكلام من زوائد السجع، والاسترسال في الكتابة من غير محاولة اصطناع شئ مما كان يصطنعه أدباء زمانه من المحسنات البديعية علمنا سر خلود (اللمعة) وبقائها، واحتفاظها بطابعها الرسمي في معاهد (الفقه الشيعي) على الإطلاق.
هذا بالإضافة إلى ما لوحظ في هذا الكتاب من التنظيم الفني والتنسيق الرائع لأبواب الفقه وأحكامه ومسائله.
فقد ساير الشهيد (المحقق الحلي) في تنظيم كتب الفقه وأبوابه، لكنه زاد عليه بجملة من التحسينات نلمسها بوضوح حينما نراجع كلا من (المختصر النافع) و (اللمعة الدمشقية) مع العلم أن المختصر النافع كان المرجع الوحيد للشهيد في تأليف هذه الرسالة.
ففي هذا الكتاب يقدم الشهيد أحكام كل باب قبل أي شئ آخر ثم يبحث عما يلحق بها من الملحقات، ثم يتبعها بعرض المسائل التي تتبع هذه الأحكام وترتبط بها، ثم يستقصي المندوبات والمكروهات فيما إذا كان في الباب مندوب ومكروه.
والذي يلفت النظر في هذا التنظيم والتبويب أنه يجمع إلى روعة النظام استيعاب أطراف المسألة.
وحينما نظم روعة التنسيق إلى استيعاب الفكرة إلى الإيجاز في التعبير نحصل على مزاج فقهي وأدبي من أروع ما أنجزه الفكر الإنساني، ومن أسمى ما تحتويه المكتبة الإسلامية.
وفي هذا الكتاب تلفت نظر الباحثين دقة فائقة في تحديد المصطلحات الفقهية لم نعهد مثلها في المتقدمين عليه حتى من أمثال (المحقق) و (العلامة)، وهذا شئ طبيعي لو عرفنا أن الشهيد درس الفقه إلى المستوى الذي بلغه (المحقق والعلامة)، وتفرغ بعد ذلك لتطوير هذا المستوى وتشذيبه، وإبعاد العوامل الغريبة عنه، وتحديد مصطلحاته بشكل أدق من ذي قبل.