وقد ألف الشهيد الرسالة مدة سبعة أيام، ولم يحضره من المراجع الفقهية غير (المختصر النافع للمحقق الحلي رحمه الله) وهذا يدل على إلمامه الواسع بمسائل الفقه. وإحاطته بدقائقه وجزئياته، يندر مثله في الفقهاء، ودفع الرسالة إلى (الشيخ محمد الآوي) وزير (علي بن مؤيد) من ملوك (سربداران خراسان)، وأوصاه بالإسراع بها إلى الملك (علي بن مؤيد) والكتمان، ولشدة حرص الآوي على العناية بالنسخة لم يسمح لأحد باستنساخها عدى بعض الطلبة الذين سمح لهم به وهي في يده محافظة على الكتاب.
وكان الشهيد في الأيام التي تفرغ فيها لكتابة (اللمعة الدمشقية) يعيش مراقبا في بيته من قبل السلطة، ولذلك فقد كان يتكتم في الكتابة.
ومن غريب ما يروي أن (مجلس الشهيد) حين كان مطلق السراح وحين كان مراقبا في بيته كان مزدحما بعلماء العامة، ورجال السياسة من مختلف الاتجاهات ممن كان يتكتم أمامهم، فلما شرع بكتابة اللمعة لم يمر عليه أحد طيلة اشتغاله بكتابة هذه الرسالة.
ومهما يكن من أمر فقد احتلت (اللمعة) القمة من بين المتون الفقهية الشيعية، إذ جمعت الوجازة والاختصار، إلى روعة التعبير، وضمت هذه الخلال جميعا إلى تنسيق الأبواب والأحكام والمسائل بشكل منظم وتعميق النظر والفكر، فقد كان (الشهيد) أديبا كبيرا شاعرا رقيق الشعر، واسع الخيال، ولم تكن ثقافته مقصورة على الفقه والأصول.
وقد حاول (الشهيد) في رسالته هذه أن لا يجمد على التعبيرات الفقهية المتداولة في وقته، وأن يحدث بعض التغيير في صياغة التعبير، ويجيد في سبك العبارات وتنويعها، ويحسن في تنويع العبارة وإذا ضممنا إلى ذلك إيجاز التعبير، واختصار الجمل الطويلة، وتشذيب