فإنها ألين ففعل وطبخت له عدسا فأكل واستوفى فنام وذهب به النوم فلم يقم لصلاته فنودي في منامه يا يحيى بن زكريا أردت دارا خيرا من داري وجوارا خيرا من جواري فاستيقظ فقام فقال: يا رب أقلني عثرتي إلهي فوعزتك لا استظل بظل سوى ظل المقدس وقال لامه ناوليني مدرعة الشعر فتقدمت أمه فدفعت إليه المدرعة وتعلقت به فقال لها زكريا: يا أم يحيى دعيه فان ولدى قد كشف له عن قناع قلبه ولن ينتفع بالعيش فقام يحيى فلبس مدرعته ووضع البرنس على رأسه، ثم أتى بيت المقدس فجعل يعبد الله عز وجل مع الأحبار حتى كان من أمره ما كان.
قال وهب: وجدت في بعض كتب الله عز وجل ان ذا القرنين لما فرغ من عمل السد انطلق على وجهه فبينا هو يسير وجنوده معه إذ مر على شيخ يصلى فوقف بجنوده حتى انصرف من صلاته فقال له ذو القرنين كيف ولم تروعك ما حضرك من الجنود؟ قال كنت أناجي من هو أكثر جنودا منك وأعز سلطانا وأشد قوة، ولو صرفت وجهي إليك لم أدرك حاجتي قبله فقال له ذو القرنين: هل لك في أن تنطلق معي؟ فأواسيك بنفسي وأستعين بك على بعض أموري قال: نعم ان ضمنت لي أربع خصال: نعيما لا يزول وصحة لا سقم فيها وشبابا لا هرم فيه، وحياة لا موت فيها فقال له ذو القرنين: أي مخلوق يقدر على هذه الخصال فقال الشيخ: فأنى مع من يقدر عليها ويملكها وإياك فبينا هو يسير إذ وقع إلى الأمة العالمة من قوم موسى الذين يهدون بالحق وهم يعدلون فلما رآهم قال لهم: أيها القوم أخبروني بخبركم فأنى درت الأرض شرقها وغربها برها وبحرها سهلها وجبلها نورها وظلمتها فلم الق مثلكم فأخبروني ما بال قبور موتاكم على أبواب بيوتكم؟ قالوا فعلنا ذلك لئلا ننسى الموت ولا نخرج ذكره من قلوبنا قال: فما بال بيوتكم ليس عليها أبواب؟ قالوا: ليس فينا لص ولا ظنين وليس فينا إلا أمين قال فما بالكم ليس عليكم أمراء؟ قالوا: لا نتظالم قال فما بالكم ليس فيكم ملوك؟ قالوا: لا نتكاثر قال فما بالكم لا تتفاضلون ولا تتفاوتون؟ قالوا: من قبل إنا متواسون متراحمون قال فما بالكم لا تتنازعون ولا تختلفون؟ قالوا: من قبل إلفة قلوبنا وصلاح ذات بيننا قال فما بالكم لا تسبون ولا تقتلون؟ قالوا من قبل انا غلبنا طبايعنا بالعزم وروضنا أنفسنا بالحلم قال فما بالكم كلمتكم واحدة وطريقتكم مستقيمة قالوا من قبل إنا لا نتكاذب ولا نتخادع ولا نغتاب بعضنا بعضا قال فأخبروني لم ليس فيكم مسكين ولا فقير؟ قالوا من