المحسن أولى بثواب الاحسان من المسئ، والمسئ أولى بعقوبة الذنب من المحسن تلك مقالة عبدة الأوثان، وخصماء الرحمن وحزب الشيطان، وشهداء الزور وقدرية هذه الأمة ومجوسها ان الله تعالى أمر عباده تخييرا، ونهاهم تحذيرا وكلف يسيرا وأعطى على القليل كثيرا، ولم يطع مكرها، ولم يعص مغلوبا ولم يكلف عسيرا، ولم يرسل الأنبياء لعبا، ولم ينزل الكتاب إلى عباده عبثا، ولا خلق السماوات والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من عذاب النار.
قال الشامي: فما القضاء والقدر اللذان كان مسيرنا بهما وعنهما؟ قال: الامر من الله بذلك والحكم، ثم تلا (وكان أمر الله قدرا مقدورا) فقام الشامي فرحا مسرورا لما سمع هذا المقال، فقال: فرجت عنى فرج الله عنك يا أمير المؤمنين ثم أنشأ يقول:
أنت الامام الذي نرجو بطاعته * يوم الحساب من الرحمن غفرانا أوضحت من ديننا ما كان ملتبسا * جزاك ربك بالاحسان إحسانا نعم المؤدب لا نبغ به بدلا * لقيت روح تحيات وريحانا متى يشككنا بالريب ذو سفه * نلقى لديك له شرحا وتبيانا ما أن أرى عادلا في فعل فاحشة * ما كنت راكبها ظلما وعدوانا لا لا ولا قائلا الله أوقعه * فيها عبدت إذا يا قوم شيطانا ولا القضاء من العدل الرحيم به * دلاه فيها علا عن ذاك مولانا ولا أراد ولا شاء الفسوق ولا * قتل الولي له كفرا وطغيانا انى أراه وقد صحت عداوته * بالفسق أعلن ذاك الله اعلانا باب: في فضل التوحيد قال الله تعالى في سورة إبراهيم: (ألم تر كيف ضرب الله مثل كلمة طيبة) أي لم تخبر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة - يعنى لا إله إلا الله - كشجرة طيبة - يعنى النخلة أصلها ثابت، فكذلك أصل هذه الكلمة ثابت في القلوب، وفروعها في السماء كما أن فرع هذه الشجرة عال في السماء كذلك المؤمن إذا تكلم بهذه الكلمة صعدت إلى السماء، وهو قوله: (إليه يصعد الكلم الطيب، تؤتى أكلها كل حين - يعنى ثمرتها لكل خلق بإذن ربها - ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون).