ثم القى القلنسوة ودعا بخرقة فشد بها رأسه، واستدعى قلنسوة أخرى فلبسها واعتم عليها، ونظر يمينا وشمالا لا يرى أحدا فرفع رأسه إلى السماء فقال: اللهم انك ترى ما يصنع بولد نبيك وحال بنو كلاب بينه وبين الماء.
قال حميد بن مسلم: فوالله ما رأيت مكثور قط قد قتل ولده وأهل بيته وأصحابه اربط جأشا، ولا أمضى جنانا منه ان كانت الرجال لتشد عليه، فيشد عليها بسيفه فيكشف عن يمينه، وشماله انكشاف المعزى إذا شد فيها الذئب فلما رأى ذلك شمر بن ذي الجوشن استدعا الفرسان، فصاروا في ظهور الرجالة، وأمر الرماة ان يرموه فرشقوه بالسهام، حتى صار كالقنفذ، ونادى شمر الفرسان والرجالة، فقال: ويلكم ما تنتظرون بالرجل، ثكلتكم أمهاتكم فحمل عليه من كل جانب، فضربه زرعة بن شريك على كتفه اليسرى فقطعها، وضربة أخرى منه على عاتقه فكبا منها على وجهه فطعنه سنان بن انس بالرمح فصرعه، وبدر إليه خولي بن يزيد الصبحي فنزل ليجتز رأسه فأرعد فقال له شمر: فت الله في عضدك ما لك ترعد فنزل إليه فذبحه، ثم دفع رأسه إلى خولي بن يزيد فقال أحمله إلى الأمير عمر بن سعد، ثم اقبلوا على سلب الحسين " عليه السلام " وجاء عمر بن سعد فصاح النساء في وجهه، وبكين فقال لأصحابه: لا يدخل أحد منكم بيوت هؤلاء النساء، ولا تعرضوا لهذا الغلام المريض، يعنى علي بن الحسين فسألته النسوة ان يسترجع ما أخذ منهن ليسترن به، فقال من أخذ من متاعهن شيئا فليرده فوالله ما رد أحد منهم شيئا، ونادى عمر لعنه الله من يندب للحسين فيوطيه فرسه فانتدب عشرة منهم فداسوا الحسين صلوات الله عليه بخيولهم حتى رضوا ظهره واقبل فرس الحسين " عليه السلام " حتى لطخ عرفه، وناصيته بدم الحسين " عليه السلام "، وجعل يركض ويصهل فسمع بنات النبي صلوات الله وسلامه صهيله، فخرجن فإذا الفرس بلا راكب فعرفن ان حسينا " عليه السلام " قد قتل وخرجت أم كلثوم بنت الحسين واضعة يدها على رأسها تندب وتقول: وا محمداه هذا حسين بالعراء قد سلب العمامة والرداء.
وقال الباقر " عليه السلام ": أصيب الحسين بن علي عليهما السلام، ووجد به ثلاثمائة وبضعة وعشرين طعنة برمح أو ضربة بسيف أو رمية بسهم.
وروى أنها كانت كلها في مقدمته لأنه " عليه السلام " كان لا يولى.
وبعث عمر بن سعد برأس الحسين " عليه السلام " إلى ابن زياد عليهم لعاين الله فاقبل سنان