شافعا انظر فان نزل الحسين وأصحابه على حكمي واستسلموا فأبعث بهم إلى سلما وان أبوا فأرجف عليهم حتى تقتلهم وتمثل بهم فأنهم لذلك مستحقون فان قتل الحسين فاوطئ الخيل صدره وظهره فإنه عاق ظلوم فان أنت مضيت لأمرنا فيه جزيناك جزاء السامع المطيع وان أبيت فاعتزل عملنا وجندنا وخل بين شمر بن ذي الجوشن وبين العسكر فانا قد أمرناه بأمرنا والسلام فأقبل شمر بكتاب عبيد الله إلى عمر بن سعد، فلما قدم عليه وقرأه فنادى عمر بن سعد: يا خيل الله اركبي وابشري فركب الناس ثم زحف نحوهم بعد العصر والحسين عليه السلام جالس أمام بيته محتب بسيفه إذ خفق برأسه على ركبتيه وسمعت أخته الضجة فدنت من أخيها فقالت: يا أخي أما تسمع الأصوات قد اقتربت؟ فرفع الحسين " عليه السلام " رأسه فقال إني رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) في المنام فقال لي انك تروح الينا فلطمت وجهها ونادت بالويل، فقال الحسين " عليه السلام " ليس لك الويل يا أختاه اسكتي رحمك الله وجاءه رسول عمر بن سعد انا قد أجلناك إلى غد فان استسلمتم سرحناكم إلى عبيد الله بن زياد أميرنا، وان أبيتم فلسنا تاركيكم وانصرف فجمع الحسين " عليه السلام " أصحابه عند قرب المساء.
قال علي بن الحسين زين العابدين " عليه السلام " فدنوت منهم لأسمع ما يقول لهم وانا إذ ذاك مريض فسمعت أبي " عليه السلام " يقول لأصحابه: اثنى على الله أحسن الثناء واحمده على السراء والضراء اللهم إني أحمدك على أن أكرمتنا بالنبوة وعلمتنا القرآن وفقهتنا في الدين وجعلت لنا أسماعا وأبصارا وأفئدة فاجعلنا من الشاكرين أما بعد: فانى لا أعلم أصحابا ولا أهل بيت أبر ولا أوصل من أصحابي وأهل بيتي فجزاكم الله عنى خير الجزاء ألا وانى لأظن يوما لنا من هؤلاء إلا وقد أذنت فانطلقوا جميعا من حل ليس عليكم منى ذمام هذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملا فقال اخوته وأبناؤهم وبنو أخيه وأبناء عبد الله بن جعفر لم نفعل لنبقى بعدك لا أرانا الله ذلك اليوم أبدا بدأهم بهذا القول العباس بن علي (رض) واتبعته الجماعة عليه فتكلموا بمثله ونحوه، فقال الحسين " عليه السلام ": يا بنى عقيل حسبكم من القتل بمسلم فاذهبوا أنتم فقد أذنت لكم قالوا: سبحان الله ما نقول للناس؟ نقول انا تركنا شيخنا وسيدنا وبنى عمومتنا خير الأعمام ولم نرم معهم بسهم ولم نطعن معهم برمح ولم نضرب معهم بسيف ولا ندري ما صنعوا بهم لا والله لا نفعل ولكن نفديك أنفسنا وأموالنا وأهلنا أو نقاتل معك حتى نرد موردك فقبح الله العيش بعدك.