فقال له الحسين " عليه السلام ": ما كنت لأبدأهم بالقتال، ثم نزل يوم الخميس، وهو اليوم الثاني من المحرم سنة احدى وستين، فلما كان من الغد قدم عليهم عمر بن سعد بن أبي وقاص من الكوفة في أربعة آلاف من الفوارس فنزل نينوى فبعث إلى الحسين " عليه السلام " عروة بن قيس الأحمسي، فقال: ائته فاسأله ما الذي جاء بك وما الذي تريد؟ وكان عروة ممن كتب إلى الحسين " عليه السلام " فاستحيى منه ان يأتيه، فعرض ذلك على الرؤسا الذين كاتبوه وكلهم أبى ذلك وكرهه، فقام إليه كثير بن عبد الله الأشعبي، وكان فارسا شجاعا لا يرد وجهه شئ فقال: انا اذهب إليه والله لئن شئت لأفتكن به فقال له عمر: ما أريد ان تفتك به ولكن ائته فاسأله ما الذي جاء بك؟ فاقبل كثير إليه، فلما رآه أبو ثمامة الصايدي قال: أصلحك الله يا أبا عبد الله قد جاءك شر خلق الله وأجرأه على دم وافتكه، وقام إليه وقال له: ضع سيفك، قال لا ولا كرامة إنما انا رسول فان سمعتم منى أبلغتكم ما أرسلت به إليكم فان أبيتم انصرفت عنكم، قال فانى آخذ بقائم سيفك، ثم تكلم بحاجتك قال لا والله لا تمسه، فقال له أخبرني ما جئت به وانا أبلغه عنك، ولا أدعك تدنوا منه فإنك فاجر فأبى وانصرف إلى عمر بن سعد: فدعا عمر قرة بن قيس الحنظلي، فقال له ويحك يا قرة الق حسينا، فسأله ما جاء به وماذا يريد فأتاه قرة، فلما رآه الحسين " عليه السلام " مقبلا قال: أتعرفون هذا؟ فقال حبيب بن مظاهر: نعم هذا رجل من حنظلة بن تميم وهو ابن أختنا، وقد كنت اعرفه بحسن الرأي وما كنت أراه يشهد هذا المشهد فجاء حتى سلم على الحسين " عليه السلام " وأبلغه رسالة عمر بن سعد فقال له الحسين " عليه السلام ": كتب إلي أهل مصركم هذا ان اقدم، واما إذا كرهتموني فأنى انصرف عنكم، ثم قال له حبيب بن مظاهر: ويحك يا قرة أين ترجع إلى القوم الظالمين انصر هذا الرجل الذي بآبائه أيدك الله بالكرامة، فقال له قرة: ارجع إلى صاحبنا بجواب رسالته فأرى رأى قال فانصرف إلى عمر بن سعد فأخبره الخبر، فقال عمر: أرجو ان يعافيني الله من حربه وقتاله وكتب إلى عبيد الله بن زياد:
بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد: فانى حيث نزلت بالحسين، وبعثت إليه برسولي فسألته عما تقدم وماذا يطلب، فقال: كتب إلى أهل هذه البلاد، وأتتني رسلهم يسألوني القدوم ففعلت فأما إذا كرهتموني، وبدا لهم غير ما اتتني به رسلهم فأنا منصرف عنهم قال حسان بن قائد العبسي: وكنت عند عبيد الله حين أتاه هذا الكتاب