تناقض سوى من كان من أهل الحشو، وقليل البضاعة في العلم، وانا اذكر امام هذا الكتاب طرفا من الأصول لأنها المفزع، واليها المرجع، بعد أن اذكر الكلام في العقول والعلوم، والله الموفق للصواب، بمنه ولطفه.
مجلس في ماهية العقول وفضلها قال الله تعالى في سورة آل عمران: (ان في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب).
وقال تعالى في سورة طه: (كلوا وارعوا أنعامكم ان في ذلك لآيات لأولي النهى).
وقال في سورة والفجر: (هل في ذلك قسم لذي حجر).
(العقل) في عرف المتكلمين عبارة عن مجموع علوم وهي ثلاثة أقسام: أولها العلم بأصول الأدلة، وثانيها ما لا يتم العلم بهذه الأصول إلا معه، وثالثها ما لا يتم الغرض المطلوب إلا معه.
فالأول: العلم بأحوال الأجسام التي تتغير من حركة وسكون، والعلم باستحالة خلو الذات من النفي والاثبات المتقابلين، والعلم بأحوال الفاعلين، وغير ذلك وليس يصح العلم بذلك إلا ممن يجب أن يكون عالما بالمدركات إذا أدركها وارتفع اللبس عنها وممن إذا مارس الصنايع يعلم.
والعلم بالعادات من أصول الأدلة الشرعية لابد منه وهو من القسم الثاني.
والقسم الثالث: العلم بجهات المدح والذم والخوف، وطرق المضار حتى يصح خوفه من إهمال النظر، فيجب عليه النظر والتوصل به إلى العلم، والذي يدل على أن ذلك هو العقل لا غير أنه متى تكاملت هذه العلوم كان عاقلا ولا يكون عاقلا إلا وهذه العلوم حاصلة لو ولو كان للعقل معنى آخر لجاز حصول هذه العلوم، ولا يحصل ذلك المعنى فلا يكون عاقلا أو يحصل ذلك المعنى، ويكون عاقلا، وإن لم تكن له هذه العلوم والعلوم خلاف ذلك.