على قتله ما أمسكت أيديها السياط وبلغ أبا طالب ذلك فجمع بينه وبين بنو أبيه وأحلافهم من قريش فوصاهم برسول الله (صلى الله عليه وآله) وقال ابن أخي محمد ابني كما يقول بذلك أخبرنا آباؤنا وعلمائنا ان أخي محمد (صلى الله عليه وآله) نبي صادق وأمين ناطق وان شأنه أعظم شأن ومكانه أعلى مكان من ربه وان يومى قد حضر وأنتم الخلقاء النجب فأجيبوا دعوته واجتمعوا على نصرته وارموا عدوه من وراء حوزته فإنه الشرف الباقي لكم على الدهر وأنشأ يقول:
أوصى بنصر الأمين الخير مشهده * بعدي عليا وعلى الخير عباسا وحمزة الأسد المخشى صولته * وجعفرا ان يذوقوا قبله الباسا وهاشما كلها أوصى بنصرته * ان يأخذوا دون حرب القوم امراسا كونوا فدى لكم أمي وما ولدت * من دون أحمد عند الورع أتراسا بكل أبيض مصقول عوارضه * تخاله في سواد الليل مقباسا فلما سمع النبي (صلى الله عليه وآله) من عمه فقال: يا عم كلمة واحدة تجب بها لك شفاعتي يوم القيامة فقال يا بن أخي صدقت أنت نبي حق وربك إله حق قال له: يا عم ان الله عز وجل وعدني ان قريشا ستؤمن غدا بما تنكره اليوم، وان الله تعالى سيفتح على الأرض، ويظهر دينه على جميع الأديان وانك راحل إلى دار المقامة، فقل معي كلمة تستوجب من الله رضوانه ورحمته، فقال: إن أبا طالب حرك بها شفتيه، وأشار بأصبعه فسر النبي (صلى الله عليه وآله) بذلك واستغفر له.
قال الشيخ الامام الاجل ابن الفارسي: فمن أدعى هذه الدعوى فلا بد له من دليل يدل على صدق قوله، والا لم يلتفت إلى قوله:
والآن نذكر طرفا من معجزاته صلوات الله عليه وآله الطيبين بعد خبر المعراج.
باب الكلام في معراج النبي صلى الله عليه وآله قال ابن عباس إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أسرى به إلى السماء انتهى به جبرئيل " عليه السلام " إلى نهر يقال له النور وهو قول الله تعالى: (خلق الظلمات والنور) فلما انتهى إلى ذلك النهر فقال له جبرئيل: يا محمد اعبر على بركة الله فقد نور الله لك بصرك ومد لك أملك فإن هذا نهر لم يعبره أحد لا ملك مقرب، ولا نبي مرسل غير أن لي في كل يوم اغتماسة فيه