يا حبيب انا والله مفارقكم الساعة، قال فبكيت عند ذلك وبكيت أم كلثوم، وكانت قاعدة عنده فقال لها: ما يبكيك يا بنية؟ فقالت: ذكرت يا أبت انك تفارقنا الساعة فبكيت فقال لها: يا بنية لا تبكين فوالله لو ترين ما يرى أبوك ما بكيت، قال حبيب فقلت له وما الذي ترى يا أمير المؤمنين قال يا حبيب أرى ملائكة السماوات والنبيين بعضهم في أثر بعض وقوفا إلي يتلقوني، وهذا أخي محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله) جالس عندي يقول أقدم فان امامك خير لك مما أنت فيه، قال: فما خرجت من عنده حتى توفى عليه الصلاة والسلام فلما كان الغد، وأصبح الحسن " عليه السلام " قام خطيبا على المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس في هذه الليلة نزل القرآن، وفى هذه الليلة رفع عيسى بن مريم " عليه السلام " وفى هذه الليلة قتل يوشع بن نون، وفى هذه الليلة قتل أبى أمير المؤمنين " عليه السلام " والله لا يسبق أبى أحد كان قبله من الأوصياء إلى الجنة، ولا من يكون بعده وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليبعثه في السرية فيقاتل جبرئيل عن يمينه، وميكائيل عن يساره وما ترك صفراء ولا بيضاء إلا سبعمائة درهم فضلت من عطائه كان يجمعها ليشترى به خادما لأهله.
وكانت امامة أمير المؤمنين " عليه السلام " بعد النبي صلوات الله عليه ثلاثين سنة منها أربع وعشرون سنة وأشهر ممنوعا من التصرف مستعملا للتقية والمداراة، ومنها خمس سنين وأشهر ممتحنا بجهاد الناكثين والقاسطين والمارقين.
والنبي (صلى الله عليه وآله) كان بمكة كذلك ممنوعا، ثم هاجر فتمكن من الجهاد لأعدائه وكانت سن أمير المؤمنين ثلاثا وستين سنة، ولم يزل قبره " عليه السلام " مخفيا بوصية منه لما علم من دولة بنى أمية من بعده، واعتقادهم عداوته حتى دخل عليه الصادق عليه السلام في الدولة العباسية فعرفته الشيعة، واستأنفوا إدراك زيارته عليه السلام.
مجلس في ذكر ما يدل على ايمان أبي طالب وفاطمة بنت أسد قال الله تعالى: (الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين).
اعلم أن الطائفة المحقة قد اجتمعت على أن أبا طالب وعبد الله بن عبد المطلب وآمنة