وأما المسألة والمحاسبة في الموقف، وإن كان الله عالما بأحوالهم لأنه عالم لنفسه لا يمتنع أن يكون فيه غرض لأنه بالمحاسبة والمسألة وشهادة الجوارح يظهر الفرق بين أهل الجنة والنار ويتميز بعضهم من بعض فيسر بذلك أهل الجنة ويكسر بذلك نفعهم ويكون لنا في العلم به مصلحة في دار التكليف والاجماع حاصل على المحاسبة والقرآن يشهد به كقوله (وكفى بنا حاسبين) وكذلك شهادة الجوارح ونشر الصحف مجمع عليه والقرآن شاهد به لكن المسألة وان كانت عامة فهي على المؤمنين سهلة وعلى الكافرين صعبة لما فيها من التبكيت والمناقشة.
وأما كيفية شهادة الجوارح، فقال قوم بينها الله بينة حتى تشهد وقيل إن الله تعالى يفعل فيها الشهادة واضافتها إلى الجوارح مجازا وكلا الامرين مجاز، وقيل إن الشاهد هو العاصي نفسه يشهد على نفسه بما فعله ويقلبه ويكون ذلك حقيقة، وقيل إنها تظهر فيها امارة تدل على الفرق بين المطيع والعاصي، وكل ذلك جائز والله أعلم بالصواب.
قال الشاعر:
إلهي لست أدرى ما جوابي * إذا ما قلت لي عبدي لماذا أتيت محارمي وعصيت أمرى * وفيم فعلت هذا ثم هذا وقال آخر:
إلهي ليت شعري كيف حالي * لدى الميزان أو عند الصراط وحولي من خصومي كل شاك * إليك صنوف ظلمي واشتطاطي مجلس في ذكر الشفاعة والحوض قال الله تعالى في سورة سبحان: (عسى ان يبعثك ربك مقاما محمودا).
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: المقام الذي اشفع فيه لامتي.
قال الرضا " ع " قال رسول الله (ص): من لم يؤمن بحوضي فلا أورده الله حوضي ومن لم يؤمن بشفاعتي فلا أناله الله شفاعتي، ثم قال عليه السلام؟ إنما شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي، فأما المحسنون فما عليهم من سبيل.