شئ وألطفنا ثم إن رجلا من أهل الشام اسمه حمر قام إليه فقال له: يا أمير المؤمنين هب لي هذه الجارية؟ يعنيني - وكنت جارية وضيئة فأرعبت وفزعت وظننت انه يفعل ذلك فأخذت بثياب أختي، وهي أكبر منى واعقل.
فقالت له كذبت والله ولعنت، ما ذاك لك ولا له فغضب يزيد (لع)، وقال بل كذبت والله لو شئت لفعلته، قالت: لا والله ما جعل الله ذلك لك، إلا أن تخرج من ملتنا، وتدين بغير ديننا فغضب يزيد لعنه الله، ثم قال: إياي تستقبلين بهذا إنما خرج من الدين أبوك وأخوك، فقالت: بدين الله ودين جدي، وأبى وأخي اهتديت أنت وجدك وأبوك، قال: كذبت يا عدو الله، قالت: أمير يشتم ظالما ويقهر بسلطانه، قالت فكأنه لعنه الله استحيا فسكت فعاد الشامي لعنه الله، فقال:
يا أمير المؤمنين هب لي هذه الجارية، فقال: أعزب وهبك الله حتفا قاضيا.
ثم إن يزيد لعنه الله أمر بنساء الحسين " عليه السلام " والأطفال مع علي بن الحسين عليهما السلام في مجلس لا يكنهم من حر ولا برد، حتى تقشرت وجوههن، ولم يرفع ببيت المقدس حجر على وجه الأرض الا وجد تحته دم عبيط، وابصر الناس الشمس على الحيطان حمراء كأنها الملاحف المعصفرة إلى أن خرج علي بن الحسين عليهما السلام بالنسوة ورد رأس الحسين عليه السلام إلى كربلاء.
ثم ندب يزيد بن النعمان بن بشير، وقال له: تجهز لتخرج بهؤلاء النسوة إلى المدينة ولما أراد أن يجهزهم دعا بعلي بن الحسين عليهما السلام فاستخلاه ثم قال: لعن الله بن مرجانة، اما والله لو انى صاحبت أبيك ما سألني خصلة إلا أعطيته إياها ولدفعت الحتف عنه بكل ما استطعت، ولكن الله قضى ما رأيت كاتبني من المدينة، ورفع إلي كل حاجة تكون لك، وتقدم بكسوته وكسوة أهل بيته، وأنفذ معهم في جملة من انفذ النعمان بن بشير رسولا وتقدم إليه ان يسير في الليل، ويكون امامهم حيث لا يفوتون طرفة فإذا أنزلوا نحى عنهم، وتفرق هو وأصحابه حولهم كهيئة الحرس لهم، ونزل معهم حيث إن أراد الانسان من جماعتهم وضوء أو قضاء حاجة لم يحتشم، وصار معهم في جملة النعمان ولم يزل في الطريق، كما وصاه يزيد ويرفق بهم حتى دخلوا المدينة فلم يسمع واعية مثل واعية بني هاشم في دورهم على الحسين بن علي عليهما السلام، وخرجت أم لقمان بنت عقيل بن أبي طالب حين سمعت بنعي الحسين عليه السلام حاسرة ومعها أخواتها