مجلس في ذكر وفاة أمير المؤمنين عليه السلام اعلم أن وفاة أمير المؤمنين " عليه السلام " كانت ليلة الجمعة ليلة احدى وعشرين من شهر رمضان سنة أربعين من الهجرة قتيلا بالسيف قتله ابن ملجم لعنه الله ليلة تسع عشرة في مسجد الكوفة، وكانت سنة يوم وفاته ثلاثا وستين سنة.
وروى أن أمير المؤمنين " عليه السلام " جمع الناس للبيعة، فجاء عبد الرحمن بن ملجم المرادي لعنه الله فرده مرتين أو ثلاثا، ثم بايعه وقال عند بيعته له: ما يحبس أشقاها فوالذي نفسي بيده لتخضبن هذه من هذا، ووضع يده على لحيته ورأسه " عليه السلام "، فلما أدبر ابن ملجم لعنه الله منصرفا قال عليه السلام:
اشدد حيازيمك للموت فان الموت لاقيكا * ولا تجزع من الموت إذا حل بواديكا وروى أن ابن ملجم المرادي لعنه الله أتى أمير المؤمنين " عليه السلام " يبايعه فيمن بايعه ثم أدبر عنه فدعاه أمير المؤمنين " عليه السلام " فتوثق منه، وتوكد عليه أن لا يغدر ولا ينكث ففعل فقال ابن ملجم: والله يا أمير المؤمنين ما رأيتك فعلت هذا بأحد غيري فقال " عليه السلام " أريد حياته ويريد قتلي * عذيرك من خليلك من مرادي امض يا بن ملجم فوالله ما أرى ان تفي بما قلت.
وروى أن نفرا من الخوارج اجتمعوا بمكة فتذاكروا الأمراء فعابوهم وعابوا اعمالهم عليهم، وذكروا أهل النهروان وترحموا عليهم، فقال بعضهم لبعض: لو إنا شرينا أنفسنا فأتينا أئمة الضلال فطلبنا غرتهم وأرحنا منهم العباد والبلاد، وثأرنا بإخواننا الشهداء بالنهروان، فتعاهدوا عند انقضاء الحج على ذلك، فقال عبد الرحمن ابن ملجم لعنه الله انا أكفيكم عليا، وقال المبارك بن عبد الله التميمي: انا أكفيكم معاوية، وقال عمرو بن البكر التميمي: انا أكفيكم عمرو بن العاص، وتعاقدوا على ذلك وتواثقوا على الوفاء، واتعدوا لشهر رمضان في ليلة التسع عشرة ثم تفرقوا فاقبل ابن ملجم، وكان عداده في كندة حتى قدم الكوفة فلقي أصحابه، وكتمهم امره مخافة ان ينتشر منهم شئ فهو في ذلك إذ رأى رجلا من أصحابه ذات يوم من تيم الرئاب فصادف