بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله استتماما لنعمته، واستسلاما لربوبيته، واستعصاما من معصيته وصلى الله على محمد خيرته على بريته، وعلى الطيبين الطاهرين من عترته، وسلم تسليما كثيرا.
وبعد: فإني كنت في عنفوان شبابي قد اتفقت لي مجالس، وعرضت محافل والناس يسألونني عن أصول ديانات وإبانة الفروع عنها في المقامات، فأجبتهم عنها بجواب يكفيهم، ومقال يشفيهم، فحاولوا عنى بالكلام في التذكير، والزهد والمواعظ والزواجر، والحكم والآداب، فرجعت إلى كتب أصحابنا، فما وجدت لهم كتابا يشتمل على جميع هذه المطلوبات، ويدور على جمل هذه المذكورات إلا متبترات في كتبهم، ومتفرقات في زبرهم، فهممت أن أجمع كتابا يشتمل على بعض كلام الله ويدور على محاسن اخبار النبي صلى الله عليه وسلم ويحتوى على جواهر كلام الأئمة عليهم السلام وأبوبه أبوابا، ومجالس، وأضع كل جنس موضعه، فإنه لم يسبقني أحد من أصحابنا إلى تأليف مثل هذا الكتاب، فكان التعب به أكثر والنصب أعم وأكثر وأنا إن شاء الله افتتح لكل مجلس منها بكلام الله تعالى، ثم بآثار النبي والأئمة عليهم السلام، محذوفة الأسانيد، فإن الأسانيد لا طايل فيها إذا كان الخبر شايعا ذايعا، ووقعت تسميته (بروضة الواعظين، وبصيرة المتعظين) وان ورد خبر في هذا الكتاب يقتضى ظاهره مذهب الحشو والاختلاط، ينبغي أن يتأمله الناظر ويتفكر فيه، فإن عرف تأويله عرف معناه، وإن لم يظهر له معناه رجع إلى من عرف معناه ليعرفه المراد به، فإن كلام النبي والأئمة عليهم السلام ليس له مزية على كلام الله فكلام الله تعالى لم يخل من المتشابه، فكذلك كلام النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة عليهم السلام لكنه يرجع إلى من كان عالما، حاذقا، بصيرا بالأصول والفروع واللغة والاعراب حتى يتبين المراد، فيعلم إنه ليس بين كلام الله تعالى، والنبي والأئمة عليهم السلام