السبيل إلى اتيان ما أمروا به، وترك ما نهوا عنه، فقلت فهل لله مشيئة وإرادة في ذلك؟
فقال: اما الطاعات فإرادة الله ومشيته فيها، الامر بها والرضا لها، والمعاونة عليها وإرادته ومشيته في المعاصي، النهى عنها والسخط لها والعقوبة عليها، والخذلان لها فقلت فلله فيه القضاء؟ قال نعم ما من فعل فعله العباد من خير وشر إلا ولله فيه القضاء فقلت فما معنى هذا القضاء؟ قال الحكم عليهم بما يستحقونه على أفعالهم من الثواب والعقاب في الدنيا والآخرة.
وقال أيضا " عليه السلام ": من شبه الله بخلقه، فهو مشرك ومن وصفه بالمكان فهو كافر ومن نسب إليه ما نهى عنه، فهو كاذب ثم تلا هذه الآية: (إنما يفترى الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله، أولئك هم الكاذبون).
وقال عليه السلام، من قال بالجبر، فلا تعطوه من الزكاة، ولا تقبلوا له شهادة ان الله عز وجل قال: (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها، ولا يحملها فوق طاقتها ولا تكسب كل نفس إلا عليها، ولا تزر وازرة وزر أخرى).
وسئل أمير المؤمنين " عليه السلام " عن التوحيد، والعدل؟ فقال: التوحيد ألا تتوهمه والعدل ألا تتهمه.
وروى عن الصادق " عليه السلام ": إنه قال: أساس التوحيد وعلمه كثير، ولابد لعاقل منه، فاذكر ما سهل الوقوف عليه ويتهيأ حفظه فالتوحيد: هو ألا تجوز على ربك ما جاز عليك، والعدل: ألا تنسب إلى خالقك ما لامك عليه.
وروى أن أبا حنيفة النعمان بن ثابت قال: دخلت المدينة فأتيت أبا عبد الله الصادق " عليه السلام "، فسلمت عليه وخرجت من عنده، فرأيت ابنه موسى " عليه السلام " في دهليز داره قاعدا في مكتب، وهو صغير السن فقلت له: أين يحدث الغريب عندكم إذا أراد ذلك؟ فنظر إلي ثم قال: تجنب شطوط الأنهار، ومسقط الثمار وفئ النزال، وأفنية الدور والطرق النافذة، والمساجد ويرفع ويضع بعد ذلك حيث شاء، فلما سمعت هذا القول نبل في عيني، وعظم في قلبي فقلت له: جعلت فداك، فممن المعصية؟ فنظر إلي ثم قال: اجلس حتى أخبرك، فجلست فقال: إن المعصية لابد أن تكون من العبد أو من ربه، أو منهما جميعا، فإن كانت من الله عز وجل فهو أعدل وأنصف من أن يظلم عبده ويأخذه بما لم يفعله، وان كانت منهما فهو شريكه، والقوى أولى بإنصاف